خالد صاغية
يُفتتح اليوم مهرجان التسوّل الخاص بإعمار مخيّم نهر البارد. حين يبدأ المهرجان، سنعلم لماذا وُجدت أيادٍ كثيرة تصفّق لتدمير هذا المخيّم. وتماماً كما حام السماسرة فوق أنقاض وسط بيروت، سيأتي السماسرة أنفسهم ليقتاتوا من بقايا الجثث في المخيّم الشمالي. ولن يكون واضحاً إذا ما كان التسوّل هذا من أجل التسوّل أم من أجل الإعمار. ولن يكون واضحاً إذا ما كان الإعمار من أجل المخيّم أم على أنقاضه.
لكن، في جميع الأحوال، سترتفع آيات الشكر لمانحي المساعدات والقروض، أطال الله أعمارهم. وسنعدهم بحروب داخلية أخرى وبدمار مقبل سيرفع أسعار الأراضي، ويتيح فرصاً استثمارية جديدة. لا كساد بعد اليوم، بإذن الله وبإذن القتل. وسنقيم احتفالات ابتهاجاً بالنموّ غير السلبيّ الذي ستحقّقه إعادة الإعمار، وسندعو الأطفال النازحين للمشاركة بقطع قالب الحلوى، والتوقيع على تنازل عن الواجهة البحرية. فما حاجة الأطفال للبحر، ما دام وزير التربية قد وعدهم في الأمس بأنّهم يسكنون في «قلب السنيورة».
المحسنون الكرام الذي قدّموا الذخائر لتدمير المخيّم، سيقدّمون، بالكرم نفسه، بيوتاً خشبيّة. وسيقرّرون مع شركائهم في السلطة شكل «المخيّم» الجديد، ومساحة الغرف ووظائفها. أمّا الناس، فمن «البارد» إلى البداوي إلى البيوت الخشبية إلى المخيّم الجديد الموعود. وخلال الترحال هذا، ما عليهم إلا رفع آيات الشكر وأدعية الخير، والاستماع بصمت إلى ترهات عن مخاطر التوطين ومشاعر الأخوّة الصادقة بين الشعبين اللبناني والفلسطيني.