جوانّا عازار
يترجم الكتب، المقالات والمنشورات... دون أن يرى أي كلمة منها. اسمه جريس الخوري (1956) من بلدة لحفد قضاء جبيل، فقد بصره إثر حادث تعرّض له وهو في الرابعة من عمره. في جعبة الخوري اليوم عشرون كتاباً مترجماً، خمسة منها ترجمها من العربيّة إلى الإنكليزيّة، والباقية من الإنكليزيّة إلى العربيّة. وقد دخل الخوري إلى الترجمة من طريق الصدفة، يحمل إجازة في اللغة الإنكليزيّة من الجامعة الأميركيّة في بيروت، وماسترز من الجامعة عينها سنة 1986 في تعليم اللّغة الإنكليزيّة للأجانب والتحرير اللّغوي. إلا أنّه لم يمارس التعليم ودخل ميدان الترجمة متعاقداً مع منظّمة اليونيسف منذ سنة 1980، بعد أقلّ من أسبوع على نيله إجازته الجامعيّة. وكان يترجم التقارير والكتب إضافة إلى الترجمة الصحافيّة مع Readers Digest. وكان الخوري قد تخرّج من مدرسة بعبدا للمكفوفين قبل أن يدخل سوق العمل. هو يعمل منذ عام 1983 مع دار الصيّاد للنشر، ويجري اليوم أبحاثاً صحافيّة لمجلّة «تقارير وخلفيّات» الشهريّة. هذا فضلاً عن إعداده ثلاثة كتيّبات حتّى اليوم عن موضوع الإعاقة بالتعاون مع «الجمعيّة الوطنيّة لحقوق المعاق»، وهو نائب رئيسها منذ 12 سنة بعد أن كان رئيسها. ويبقى السؤال اللغز، كيف تجري الترجمة، وما هي الصعوبات التي يواجهها خلال تأدية عمله؟ يقول الخوري إنّ الطريقة تختلف «حسب نوع المادة» التي يريد ترجمتها، فإذا كانت ترجمة صحافيّة عاديّة غير متخصّصة، يقوم بتسجيلها على كاسيت بعد أن يقرأها أحد له، أو إذا كانت مأخوذة من الإنترنت، يقرأها الكمبيوتر له ويسجّلها، ثمّ يستمع إليها ويترجمها. أمّا بالنسبة إلى ترجمة الكتب التي تتطلّب وقتاً إضافيّاً، فيقوم الخوري بنسخها من خطّ عادي إلى خطّ Brail بعد أن يقرأها أحد أمامه، وتقوم زوجته نجاة عادة بهذه المهمّة. وتكمن الصعوبة الأبرز حسب الخوري في أنّ المترجم غالباً ما يتحكّم بالمادّة التي تكون بين يديه، أمّا بالنسبة إلىه، فالمادّة تتطلّب وقتاً قبل أن تصبح بين يديه ليتأكد من صحتها. كذلك يجد صعوبة إضافيّة في إيجاد الكلمات المناسبة، وخاصّة أنّ الكومبيوتر لا يمكنه قراءة كلّ القواميس المتخصّصة، فلا بدّ إذاً من العودة إلى القواميس العاديّة والمتخصّصة، وهنا تساعده أيضاً زوجته في البحث في القواميس وعددها نحو 45 في مكتبة منزله في جبيل، فضلاً عن أعداد أخرى في مكتبته في بلدته لحفد. وفي حين عمل الخوري بعض الوقت في الدبلجة في مجموعة من المسلسلات الكرتونية، ساعد أيضاً في ترجمة أجزاء من أفلام وثائقيّة، ويترجم الكتب لمكتبة لبنان منذ عشر سنوات. وقد سبق أن مارس الترجمة الفوريّة في نحو 120 ندوة ومحاضرة، وهو يقوم اليوم، إضافة إلى عمله الصحافي وترجمته للكتب، بترجمة مواد سريعة لأشخاص أو لشركات تحت الطلب. ويقول الخوري عن أحلامه إنها «كثيرة»، ولكن أهمها هي أنّ «يستمر في ممارسة عمله مترجماً، وأن يتحسّن المردود المالي كي يتمكّن من ضمان شيخوخته عندما يمنعه التقدّم في السنّ من متابعة عمله».