خالد صاغية
قبل أيّام، عُلّقت في منطقة الجمّيزة لافتة كُتب عليها: «أين الضمير بين الحق والإنسانية؟». لافتة حملت توقيع «أصدقاء خليل زوين». وخليل، لمن لا يعرفه، هو حلّاق الجمّيزة وبائع الصحف فيها. صدر قرار قضائي بإخلاء محلّه، وتحرّكت سريّة من درك الجميزة لتنفيذ الحكم. فنحن، كما هو معلوم، نعيش في ظلّ دولة القانون، وعلى رأسها «رجل الدولة». لم يتأخّر خليل عن إبداء رأيه في حياة كهذه. حمل مسدّساً من عيار 9 ملم، وأطلق النار على رأسه.
.Business is business. Progress is progress
ليس خليل وحده من فقد دكّانه. كثيرون من أبناء الجمّيزة تمّ نفيهم إلى خارج المدينة، إلى ضواحيها الشرقيّة، ليتمكّن المستثمرون من هدم المباني (التراثية بمعظمها)، وبناء الأبراج الحديثة والشاهقة. انتظر كثيرون صدور قانون حماية لهذه المباني وسكانها. صدر القانون فعلاً، لكن ليحمي المستثمرين.
.Business is business. Progress is progress
في مدينة كوم حمادة المصرية، قرّرت دولة التوريث والقانون إزالة ما يسمّى بمخالفات بناء. لم تجد وسيلة فضلى للتنفيذ إلا الجرّافات. وقفت أسرة بكامل أفرادها تصرخ وتتوسّل. كانت النتيجة أن هدمت الجرّافة البيت الذي يبلغ عمره عشرين عاماً، وجرفت معه ربّة المنزل وطفلها.
.Business is business. Progress is progress
ذات يوم، اخترع رجل حكيم ذو لحية كثّة مصطلح «التراكم الأوّلي». كان يقصد به تراكم الثروات القائم على طرد الناس من ممتلكاتهم. الثروات تتراكم، والنهب متواصل. كم كان صاحبنا الملتحي على حقّ.