«الحقّ على الإيطاليات» هذه المرّة! والتهمة أنهن «يساهمن بتثبيت نظرية: كوني جميلة واصمتي»، هذا على الأقل ما يقوله الرجال الإيطاليون في هذه الأيام.ففي الستينيات من القرن الماضي، سكنت ثلاث نساء إيطاليات خيال رجال العالم، هنّ الممثلات: جينا لولو بريجيدا، صوفيا لورين وكلوديا كاردينالي. وبعدما ابتعدن عن الساحة الإعلامية خفت بريق المرأة الإيطالية على المستوى العالمي، ولولا وجود الممثلة والعارضة مونيكا بلوتشي لما حلّت أية امرأة إيطالية في اللوائح العالمية للجمال في السنوات أو العقود الأخيرة.
شيء ما حدث في إيطاليا حديثاً، فالنساء اللواتي عُرفن بأناقتهن، لكن أيضاً بديناميكيّتهن وبتمتعهنّ بشخصيات قوية وبكثير من الاستقلالية، قد يدخلن قريباً في ألبوم الذكريات... لولا بعض المحاولات من بعض الذين يعارضون تحوّل المرأة الإيطالية إلى مجرد دمية صامتة.
التغيير الحاصل في إيطاليا «خرج» إلى العلن بعدما نشرت صحيفة الـ«فايننشال تايمز» مقالاً عن «هوس الإيطاليات بالتحوّل إلى نجمات شهيرات أو أشباه نجمات، وراقصات ومقدمات برامج تلفزيونية». فبعد مرور 30 عاماً على إقرار حق المرأة الإيطالية بالطلاق، أصبح اليوم شعار «لا شيء غير الشهرة» هو هدف بنات وحفيدات نساء إيطاليا اللواتي ناضلن طويلاً حتى حصلن على حقوقهن.
عام 1976 شكلت النساء 11 في المئة من أعضاء المجلس النيابي الإيطالي، و«منذ ذلك الحين لم ترتفع هذه النسبة»، كما قالت الباحثة غرازيللا برادي التي تضيف إنّ «المرأة الإيطالية لم تعد تناضل من أجل المساواة، بل تركز على الاختلاف بين الجنسين فقط». واللافت في هذا الإطار أن استطلاعات الرأي تؤكد عدم رغبة نسبة مرتفعة جداً من الإيطاليات في تولي مناصب إدارية وسياسية مهمة، فبرأيهنّ أن «أنجيلا مركيل (المستشارة الألمانية) وسيغولين رويال (المرشحة الفرنسية السابقة للرئاسة) هما غريبتا الأطوار والخيارات».
«كلما ارتفع عدد الرجال في مواقع القيادة والإدارة في إيطاليا، زادت إعلانات وصور النساء عاريات الصدر في شوارع البلاد»، هذا ما أكدته دانيللا باريرا المسؤولة عن البرمجة والتخطيط في مؤسسة «ليو بورنيت». ويلفت عدد من المعلقين في مجلات الموضة والصحف الإيطالية إلى أن انتشار هذه الظاهرة يعود إلى سنوات تولّي سيلفيو برلوسكوني لمقاليد السلطة والاقتصاد في البلاد، ويذكرون أن باحثين استغربوا الصمت الإيطالي في ذلك الحين إزاء ظهور النساء بملابس خفيفة وفاضحة عبر شاشات محطات التلفزيون التي يملكها برلوسكوني، وقد سارت المحطات الرسمية على هذا الدرب في سباقها مع المحطات التجارية.
«كوني جميلة، لكن لا تفقدي ذكاءك» هذا هو الشعار الذي ترفعه جمعيات أهلية في حملة انضمّ إليها بعض المثقفين الإيطاليين الذين طالبوا نساء بلادهم بالتمرد على الفخ المنصوب لهنّ ومحاربة تلك الصورة «المسيئة والمذلّة» التي تجعل منهنّ دمى باهتة بلا روح.