جبيل ـ جوانّا عازار
في أيام العزّ ، عزّ رياضة المصارعة الحرّة في لبنان، انتزع المصارع ألفرد بطرس بيلان لقب «تيدي بوي» من حامله المصارع الفرنسي البطل بعد أن هزمه في إحدى المباريات التي أقيمت في المدينة الرياضية في الستينات. ومنذ ذلك الوقت أصبح الكلّ ينادي المصارع اللبناني ـــــ الجبيلي الأصل، بـ«تيدي بوي».
مارس بيلان وهو من مواليد 1946، رياضة المصارعة من سنذ 16 سنة. بدأ مسيرته من «نادي شباب الأرز الرياضي» في جبيل حيث كان يخضع يوميّاً باستثناء نهار الأحد لتمارين مكثّفة من الساعة الثانية بعد الظهر حتّى الساعة العاشرة ليلاً. كان بيلان يخضع للتمارين تحت إشراف المدرّب وفيق اللّقيس، وقد استطاع أن ينسج علاقات مع أبطال لبنانيين مثل إدمون الزعنّي وجان سعادة وغيرهما. وفي بداية مسيرته كان يخوض مباريات «ودّية» مع مصارعين من نواد لبنانيّة عديدة كـ«النادي الأولمبي» وغيره... إلى أن حصل على كفاءة عالية خوّلته خوض مباريات دوليّة ضمن بطولات في تركيا، سوريا، الأردن، الكويت... وقد حصد إضافة إلى بطولة سوريا عام 1965 وبطولة جبيل عام 1966 مراتب مهمّة ونحو ثلاثين ميداليّة وكؤوساً عديدة. ولعلّ أبرز ما يميّز مسيرته فوزه على البطل الفرنسي «تيدي بوي» ضمن بطولة لمصارعين لبنانيّين وأجانب أقيمت في المدينة الرياضيّة في بيروت، وانتزاعه اللّقب منه. بيلان الذي بدأ بلعب المصارعة هاوياً كما يقول، طوّر نفسه حتى أصبح محترفاً في المصارعة الرومانية ثم في المصارعة الحرّة، وكان باستطاعته أن يلعب «لساعتين متتاليتين بدون توقّف». ويشير بيلان إلى أنه «لم يصب طوال فترة ممارسته للمصارعة بأيّة إصابة خطيرة، بل اقتصرت الإصابات على الجروح والكدمات البسيطة». كما أنه «لم يتّبع حمية غذائيّة معيّنة، بل كان يأكل أكلاً عاديّاً ويشرب عصير الجزر المتوافر بكثرة حينها في غياب «الكوكتيلات». وكان بيلان يعمل شرطيّاً في جبيل إلى جانب دراسته للمساحة والرسم الهندسي.
«في تلك الفترة، كان لرياضة المصارعة زخم وشعبيّة كبيران» كما يؤكّد بيلان، وكانت الملاعب «تغصّ بالمتفرّجين والحضور، وكانت صور اللاعبين تعلّق على الجدران»، إلا أنّ هذا الدعم الجماهيري غابت عنه الرعاية الرسميّة من الدولة، لتحلّ مكانها المبادرات الفرديّة. يقول بيلان إنّه تأثّر ببطل العالم اللّبناني إدمون الزعنّي الذي كان يزوره في جبيل دوريّاً، وقد تعلّم منه بعض اللقطات واستعان بإرشاداته. أمّا المشاركة الأخيرة لبيلان فكانت ضدّ أبطال أتراك في بطولة أقيمت في لبنان، توقّف بعدها بسبب الأحداث التي شهدها لبنان في السبعينات. وهو لم يعلّم أحداً من أبنائه الثلاث هذه الرياضة، إذ «لم تسنح له الظروف بذلك». وهو يقرّ بأنّ المصارعة علّمته «طول البال والتأني واعتماد سياسة الأخذ والعطاء مع خصمه ليكسب بالقوّة أو بالعاطفة». وهو اليوم لا يزال يمارس التمارين الرياضيّة اليومية ويحتفظ بصور جميع اللقطات في المصارعة، ويأسف لأنّ اللّعبة أضحت اليوم لعبة «ضرب كراسٍ وعصي ونفخ عضلات» في حين أنّها فعلياً «فنّ قائم بحدّ
ذاته».