صباح أيوب
«هي مسألة وقت فقط، قبل أن تصبح الإعلانات كلّها حول العالم رقمية وموجّهة إليك بشكل مباشر». هذا ما تعمل عليه كبرى شركات الإعلانات العالمية اليوم لإجراء تغيير جذري على مفهوم الإعلان الحديث. فبعدما نجح القطاع الإعلاني في اجتياح تفاصيل الحياة اليومية وتمكّن من التأثير بشكل كبير على اللاوعي الغريزي، وخاصة في المجتمعات الاستهلاكية، يخطط «عمالقة صناعة الإعلان» لإحداث نقلة نوعية في شكل هذا المجال ومضمونه. إذ من الآن فصاعداً، لم يعد التلفزيون يشكّل الهدف الأساسي للمعلنين بوصفه الوسيلة الأفضل لبث الإعلانات والتسويق كما كان الحال منذ أكثر من عشرين سنة، بل ستحلّ محلّه، من حيث الأولوية، وسائل رقمية كأجهزة الهواتف الخلوية والكومبيوتر والإنترنت. وبدل الإعلان المصوّر للتلفزيون ستجتاح الرسائل الإعلانية القصيرة والأفلام الرقمية على الإنترنت مجال التسويق. وبما أن هذه الوسائل الرقمية هي بأغلبها شخصية وخاصة تتصل مباشرة بصاحبها دون سواه من «الجمهور» بالتالي تصبح الرسالة التي يسعى المعلنون إلى إيصالها أصعب، إذ يجب معرفة كيفية «إصابة قلب الهدف» لكلّ متلقي. وهذا بالتحديد ما يعمل عليه فريق «مجموعة بوبليسيس» Publicis Group إحدى أكبر الشركات الإعلانية التي تضمّ مجموعات «ساتشي أند ساتشي» و«ليو بيرنت» وغيرها التي تعاقدت أخيراً، كما كشفت صحيفة «نيويورك تايمز»، مع شركة «ديجيتاس» Digitas لتنفيذ خطة نقل الإعلانات إلى المرحلة الرقمية. ويوضح أحد المسؤولين عن هذا المشروع أنّهم في صدد إنجاز «شبكة معلومات ضخمة تحتوي على معلومات شخصية عن أوضاع وأحوال الأشخاص والمجتمعات في مختلف دول العالم، وذلك لمعرفة نوعية الرسالة الإعلانية التي سيتضمنها الإعلان الموجّه لفئة معيّنة من الأفراد تختلف بحسب اهتماماتها وسياساتها ومحيطها عن فئة أخرى، بالتالي فمضمون الرسالة والرموز التي سيحملها الإعلان الرقمي سيكون موجهاً بطريقة شخصية للمتلقي يحاكي اهتماماته وميوله الخاصة»، وهذا ما يسمى نقل «فنّ التسويق» من إعلان المجموعات الكبيرة إلى الإعلان الشخصي. وهو يرتكز على استبدال الإعلان المصوّر لمدة 30 ثانية إلى رسالة رقمية خاصة تصل إلى «الهدف المفترض» أو المستهلك عبر هاتفه الخلوي أو إلى صندوق بريده الإلكتروني، كلٌّ حسب ميوله واهتماماته. لذلك تعمل شركة «ديجيتاس» على فتح قنوات عمل مع محرّكات «غوغل» و«ياهوو» و«مايكروسوفت» للاستفادة من المعلومات التي تملكها تلك المحرّكات الإلكترونية عن المجتمعات والأفراد، كما تسعى شركات الإعلان إلى استخدام تلك المعلومات وتطويرها والإضافة عليها واستخدامها في الإعلانات، بحيث تصبح هذه المحرّكات هي من بحاجة لخدمات الشركات الإعلانية لا العكس. كما أنّ تقنية ابتكار عدد كبير من «العيّنات الإعلانية» أو «النماذج» لسلعة واحدة هو ما ستركّز عليه الشركات الكبرى وتنمّيه، إذ هناك في الولايات المتحدة الأميركية اليوم شركات إعلان تصدر 4000 نموذج لإعلان واحد من أجل منتج واحد قبل أن تقرر أي إعلان سيعتمد ومتى ستبثّ الإعلانات الباقية وكيف. ومع النمو السريع والكبير الذي يشهده الإنتاج الصيني تتوجّه اليوم معظم شركات الإعلان نحو السوق التجارية الصينية التي تسجّل نموّاً بنسبة 20% كل سنة كما تنوي الشركة الدخول لاحقاً إلى أسواق روسيا والبرازيل.