خالد صاغيّة
لا بدّ للرئيس محمود عبّاس من زيارة لبنان. ليست الزيارة لتفقّد ما بقي من مخيّم نهر البارد، ‏ولا لمطالبة الدولة اللبنانية وجيشها باحترام حقّ المدنيين الفلسطينيّين بالحياة. على الرئيس ‏الفلسطينيّ أن يزور لبنان لسبب أبسط من ذلك. ففؤاد السنيورة ينتظره لالتقاط صورة تذكاريّة.‏
الصورة، طبعاً، ليست لأرشيف العائلة، عائلة السنيورة أو عائلة عبّاس. إنّها صورة للتاريخ. ‏فالتاريخ، لحسن الحظ، تدخّل في هذه اللحظة الحرجة، لينقذ الأمّة من ضلالها، عبر هذين ‏الرجلين التوأمين.‏
الصورة للأجيال المقبلة التي ستفرك أعينها غير مصدّقة كيف استطاع رجلان، بالإرادة ‏الصلبة وحدها، دحر المؤامرات التي تُحاك ضدّ بلاد العرب. وكيف استطاع رئيس ‏وزراء بلد صغير ورئيس سلطة وهميّة مواجهة الفرس والظلاميّين والمجرمين والانقلابيين ‏والمغامرين والإرهابيين دفعة واحدة، ناهيك عن حلفائهم المضلَّلين.‏
الصورة للتصدير إلى الغرب، معفيّةً من الضريبة على القيمة المضافة. هناك، سيُقلَب السؤال ‏الشهير ليصبح: من قال إنّهم يكرهوننا؟ وستعلّق الصورة داخل قاعات مراكز الأبحاث وتُرفَع ‏على هامات الـ‏Think Tanks‏.‏
الصورة للبيع في المزاد العلني. من سيدفع أكثر، كوندوليزا أم موناليزا؟ أياً يكن الفائز، ‏فإنّنا سنرى نسختها الأصليّة داخل قصر جديد يهديه آل الحريري لشيراكٍ ما.‏
الصورة، أخيراً، للتأمّل. فقط... للتأمّل. ننظر إليهما معاً، وندرك أنّ ثمّة أنواعاً من العار تأتي ‏من مكان لا نعرفه. ننظر إليهما معاً، وندرك أنّ التاريخ يسير فعلاً وفقاً لخطّ... انحداريّ.