خالد صاغية
السيّد دبليو، هل تراني؟
أنا اليساريّ القديم. حملتُ عدّتي وحقائب كتبي، ووضعتُ نفسي في تصرّفكم.
أنا اليساريّ القديم. هل تذكرون اسمي؟ أرسلتُ لكم نبذة عن حياتي، هل تسنّى لكم بعض الوقت لقراءتها؟
أنا اليساريّ العربيّ الذي ما أن حرّكتم أساطيلكم، حتّى لعنتُ لينين وأعلنتُ أنّ الإمبرياليّة لفظ ما عاد موجوداً إلا في معاجم اللغات الخشبيّة.
أنا اليساريّ العربيّ الذي ما أن بشّرتم بنشر الديموقراطية، حتّى هزئتُ على الشاشات من الطبقات والطبقيّة، ورفعت راية الحريّة الفرديّة فوق كلّ اعتبار.
أنا اليساريّ العربيّ الذي ما أن أعلنتم حربكم على الإرهاب، حتّى خضت معكم معارك مواجهة الظلاميّة. ألم يكن كارل ماركس نصيراً للتقدّم؟
أنا اليساريّ العربيّ الذي ما أن تخلّيتم عن المشروع الديموقراطي، حتّى عدت ووافقتكم الرأي. فشعوبنا غير مؤهّلة لممارسة الحرّية، والتاريخ يسير وفقاً لمراحل لا نستطيع خرقها.
أنا اليساريّ العربيّ الذي أعرف كيف تسير اللعبة داخل النقابات، فأرشدتكم كيف تشلّونها لتنشروا السياسات المعادية للعمّال، والمهمّشة للفقراء.
أنا اليساريّ العربيّ الذي أُتقن فنّ الخطابة، فعملت في بلاط أزلامكم. كتبتُ بيانات استسلام ومقالات استسلام وفي أوقات فراغي، أخرجتُ بعض أفلام الاستسلام.
السيّد دبليو،
أنا اليساريّ العربيّ. هيّا دسْ على تاريخي. وأعطِني قبلة.