خالد صاغيّة
حين يعلن تشافيز خروج بلاده من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، فإنّه لا يعترض على سياسات اقتصادية تروّج لها هاتان المنظّمتان الدوليّتان وحسب، إنّما يعلن رفضه لتحويل العالم الثالث إلى مختبر لخدمة بعض النظريّات الاقتصاديّة.
الصدفة وحدها تجعل هذه النظريات تصبّ دائماً في خدمة طبقات بعينها. والصدفة وحدها تجعل العالم الثالث مسرحاً تجريبياً لها، لقياس مدى ما يسمّى «آثارها الجانبية». تلك الآثار التي غالباً لا تعني أقلّ من تفشّي الفقر، والبطالة، والقضاء على أنماط عيش تقليديّة.
هكذا جهّز بينوشيه في تشيلي المسرح الذي اعتلته في ما بعد مارغريت تاتشر في بريطانيا. وكما في تشيلي، كذلك في دول أخرى، لم تسلك هذه السياسات بسلاسة. تطلّب الأمر دعم انقلابات، والقيام باغتيالات، وشنّ حروب، قبل أن تُكتشَف الطريقة الألطف والأكثر فاعلية: إغراق الدول بالديون.
لم تشكّل الديون قناة نهب للثروات وحسب، عبر تراكم الفوائد المجنيَّة من عرق عمّال العالم الثالث وفلاحيه، بل أيضاً الأداة التأديبيّة لهذه البلدان. فمن يتردّد في إعادة هيكلة اقتصاده بناء على أوامر الدول الكبرى، سيضطر لإعادة الهيكلة هذه عبر وصفات البنك الدولي وصندوق النقد. وإلا...
لكن لـ«اللطف» حدود تقف عند الدول النفطيّة التي لا ينفع معها فرض الوصفات الجاهزة. هكذا تطلّب الإخضاع الاقتصادي للعراق حرباً، قبل أن يخرج أحد وزرائه ليعلن عرض بلاده للبيع.
الصرخة الآتية من فنزويلا بسيطة: العالم ليس مختبراً.