غسان سعود
يعود «أبو ملحم» فجأةً ليشغل الناس، هو الذي كان أول من حمل قضاياهم إلى الإعلام المحلي ودافع عن حقوقهم. يطلّ مجدداً بدور لم يعتد لعبه. حيث استعان به قائد القوات اللبنانية سمير جعجع في معرض انتقاده للمنحى السياسي التوافقي «الشبيه بمنحى أبو ملحم». الأمر الذي استفز لبنانيين كثراً رافقوا هذه الشخصية أكثر من عشرين عاماً. وانهالت الاتصالات على السيدة دنيا، الابنة الأكبر لأديب حداد أو «أبو ملحم» تطالبها بالرد على جعجع. ولم يشف قول النائب حسين الحاج حسن إن «الإتيان برئيس جمهورية يشبه «أبو ملحم» أفضل للبنان من رئيس جزّار وقاتل» غليل هؤلاء.
في المقابل، تبدو دنيا أشبه بوالدها في رد فعلها على «سخرية جعجع». فتأسف لزجّ «هذا الرجل الطيب» في الصراع السياسي القائم اليوم وبأسلوب وقح ومعيب. وتوضح أن والدها سعى رغم إمكانات «تلفزيون لبنان» البسيطة إلى إحداث تغيير في علاقة المواطن بإدارات الدولة. وظل حتى أيامه الأخيرة يدعو اللبنانيين إلى قطع الطريق أمام تدخل الغرباء بينهم. وترى دنيا أن ثمة «مشكلة في رفض جعجع لسلمية أبو ملحم»، مذكرةً أن «أبو ملحم» تحوّل إلى مثل تتناقله الألسن عند وصف كل من يحاول فض إشكال بين اثنين مختلفين. وتسأل كيف بات وجود هؤلاء غير مرغوب فيه. فيما كانوا قبل عدة سنوات مثلاً ومثالاً يطلب الأهل من أبنائهم متابعته بدقة لاستخلاص العبر. وفي السياق نفسه، يستعيد صلاح تيزاني أو «أبو سليم» مشاهد من تهافت المواطنين للتعرف إلى صديقه «أبو ملحم» وقضاء بضع دقائق معه، ليسأل عن المغزى من إهانته اليوم، بعد مرور أكثر من عشرين عاماً على وفاته.
أديب حداد، ابن بلدة عاليه، أصدر كتاب «زجليات أبو ملحم»، وكتب وشارك في عدة مسرحيات قبل أن يبدأ العمل في إذاعة الشرق الأدنى مقدماً برنامج «جولات الميكروفون». وقدم ابتداءً من سنة 1958 برنامجي «صباح الخير» و «الدنيا صور» على أثير «الإذاعة اللبنانية». ومع انطلاقة تلفزيون لبنان قدم برنامج «يسعد مساكم».
لكن ورغم هذه الإنجازات، صدم «أبو ملحم» برؤية جنى عمره، منزله في عاليه، يُسرق ثم يحرق ويدمر أمام عينيه. فأصيب بفالج نصفي، عانى المرض عامين ثم توفي. وازداد الظلم الذي لحق بالرجل عندما سجلت الإذاعة اللبنانية برامج على الشرائط التي تضمّنت أعماله. «وأتى اليوم جعجع ليزيد في الإساءة إليه» بحسب دنيا.
وبثقة تقول دنيا لجعجع «حتماً يجب أن تعتذر من «أبو ملحم» لسلميته التي أحبها اللبنانيون بجميع طوائفهم، ولمحاربته الفساد والرشوة والطائفية». وتنتهي بالسؤال «ألا يحق لشعب لبنان العظيم أن يحلم برئيس يتمتع بمواصفات أبو ملحم»؟