أمل الأندري
من منّا لا يذكر تان تان وميلو؟ مَن مَنا لم يرغب أن يكون تان تان الذي أمضى حياته يجوب المدن ويعيش مغامراتها؟ يحتفل العالم اليوم، ولا سيما بلجيكا بمرور 100 عام على ولادة هيرجي، مبتكر شخصية تـــــــــان تـــــان البـــــلجـيكي الأكثر شهرة في العالم.
هيرجي (اسمه الحـــــــقيـــــــقي جـورج ريمي) الذي ولد في بروكسيل في 22 أيار (مايو) عام 1907 ابتكر شخصية تان تان للمرة الأولى في صحيفة بلجيكية عام 1929، من خلال شرائط مصوّرة مناهضة للشيوعية، روى فيها مغامرات تان تان المراسل الصحافي أثناء سفره إلى الاتحاد السوفياتي.
هكذا، صار تان تان بطل 23 مغامرة، يجول مختلف أنحاء العالم. وقد جاءت ولادته خطوةً لتدشّن نوعاً شعبياً من الفن، وبيعت أكثر من 200 مليون نسخة من تلك القصص المصوّرة، وقد تمّت ترجمتها إلى 60 لغة.
أكثر من ذلك، مثّل تان تان مع ميلو كلبه الرفيق الوفي رمزاً للطفولة والفضيلة لأجيال من القراء.
قد تبدو صدمةً أن نرى تان تان مثلاً يغتصب كلبه ميلو المذعور بهذه الخطوة الغريبة عن شيم تان تان! أو مثلاً أن نرى تان تان مع إمرأة عارية و «الشيطان ثالثهما»! أجل، تلك هي الصور التي صارت تحتل أغلفة الشرائط المصوّرة «حياة تان تان الجنسية» و «تان تان في سويسرا». علماً أنّ هيرجي حين ابتكر تان تان، لم يصوّره مرةً خلال مغامراته في علاقة مع امرأة. حتى إنّ تان تان الدائم اللطف لا يملك ماضياً وليس له أهل. هو يعيش الحاضر ومغامراته، يجوب العالم مع كلبه ميلو، بلا ماضٍ ولا مغامرات عاطفية.
لكن منذ وفاة «والده» هيرجي، تغيّر وجه تان تان وميوله. صرنا نراه في الكثير من القصص المصوّرة في أوضاع بورنوغرافية حقّاً تهدف إلى تغيير صورته. هكذا، تغيّر اسمه ليُقلب مثلاً ويصير نات نات، أو تام تام وتعدّدت الأشكال التي ظهر فيها: من تان تان يحارب باتمان إلى شرائط تسخر من الواقع الاجتماعي مثل «تان تان في اللوفت» في إشارة إلى أول برنامج لتلفزيون الواقع «لوفت ستوري». وللسياسة أيضاً حصّة، حيث ظهر تان تان مثلاً في العراق.
بالطبع أدّى هذا الأمر إلى إثارة غضب كثيرين من محبّي تان تان في مختلف أنحاء العالم، لكنّ مبتكري هذه الشرائط الجديدة يقولون إنهم يحيّون تان تان ووالده على طريقتهم الخاصّة أو يحتجّون على شخصية المراسل الصحافي الشاب المفرطة في «الفضيلة». أما المخرج ستيفن سبيلبرغ، فينوي إخراج ثلاثة أفلام سينمائية عن مغامرات تان تان وميلو، تعبيراً عن إعجابه ببطل طفولته البلجيكي... طبعاً لن يكون الفيلم بورنوغرافياً!
تجدر الإشارة إلى أن مقالات كثيرة كُتبت «عن ميول تان تان الجنسية» قبل رحيل مبتكره. وانتقد البعض الصبغة «البريئة» التي صُبغ بها. ولفت كثيرون إلى أن هيرجي عرف كيف يمرر «رسائله» السياسية من خلال مغامرات بطله.