خالد صاغيّة
فيما كان آلاف الفلسطينيّين يُقصَفون داخل مخيّمهم الصغير ويُجبَرون على الخروج إلى سجن آخر، كان العمّال السوريّون يُلاحَقون من قبل الجموع الغاضبة في عاليه ويتعرّضون للضرب. مشهد أصاب جماهير لبنانيّة واسعة بنشوة مزدوجة. خرجوا إلى الشوارع يداعبون أجسادهم، ويطلقون تأوّهات اختلطت فيها اللذّة بالألم. بعضهم رفض حتّى بيع الخبز للنازحين الفلسطينيّين، وبعضهم الآخر لم يتوانَ عن إظهار عجزه عن مواجهة النظام السوري، عبر الاقتصاص من عمّال لم يستسغ جنسيّاتهم وسحنات وجوههم.
«تنظيف المخيّمات» عنوان حفلة الجنون. «تنظيف» يتبارى في الدعوة إليه كلّ مرشّح للانتخابات الرئاسيّة المقبلة. فشرط الرئيس أن يكون قويّاً، ولا بأس أن يبدأ عرض العضلات ضدّ الحلقة الأضعف.
«تنظيف المخيّمات» عنوان يأتي دائماً بعد تأكيد الحرص على حياة الفلسطينيّين، «ولكن»... أو «غير أنّ»... استدراك ضروريّ لإطلاق العنان لإعلان الولع بأنواع معيّنة من المبيدات لأنواع معيّنة من البشر.
«الثأر» هو عنوان حفلة الجنون الأخرى. الزعيم يرفع راية الثأر في وجه الرئيس السوري، وجماهيره ترفعها في وجه الجمهور السوري. تقسيم «عادل» للعمل يتضمّن دائماً تحذير الزعيم من الانفعالات غير المنضبطة، حتّى لا تتأثّر صورته كركن من أركان التحوّل الديموقراطيّ وسيادة حقوق الإنسان.
بين حفلة جنون وأخرى، لا بدّ من إقناع الياس المرّ بأنّه ليس وزير دفاع الجيش الألماني، وأنّنا لسنا قبيل الحرب العالميّة الثانية.