بغداد - الاخبار
يذخر القاموس العراقي بالمصطلحات الجديدة القديمة التي تعبّر عن معاناتهم وخوفهم وتدنّي مستوى خدمات المرافق العامة في البلاد.
ومن المصطلحات الأكثر تداولاً: أزمة، وموت، وإرهاب، ومجهولون، وصكاك، وحظر التجوال.. إغلاق.. إلخ». وقد برز مصطلح جديد يخص الطاقة الكهربائية، يتداوله العراقيون وهو «شدَّاون»، استعاضة عن Shut down الانكليزية.
عمار جبار طرفة، صاحب متجر في بغداد، يكره المصطلح الجديد ويقول: «كثيراً ما أسمع هذه المفردة عند انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة... عند تكرارها عدة مرات عرفت أن الانقطاع سيكون طويلاً، وربما لعدة أيام».
وتروي طبيبة الأسنان ميلاد جليل علوان، أنه «عند انقطاع التيار الكهربائي الذي يمر علينا مثل مطر الصيف، نتصل بدائرة الكهرباء للاستفسار عن سبب الانقطاع، تكون الإجابة مختصرة جداً «السبب هو شدّاون»، إن هذه المفردة أصبحت تمثل كابوساً جديداً حال سماعها من موظفي الكهرباء، وتعني تعطل العمل في مختلف المهن».
وتقول أم احمد « كلما اسمع هذه الكلمة من أبنائي في المنزل أتصور أن المسؤول عن قطع الكهرباء اسمه «شدّاون»، وكثيرا ما دعوت عليه، لأنه سبب في معاناتنا، خاصة خلال فصل الصيف الحالي وارتفاع درجات الحرارة منذ الأشهر الأولى للموسم، وما صاحبه من أزمة حقيقية في الكهرباء والوقود وارتفاع الأسعار في السوق المحلية».
وفي مديرية توزيع الكهرباء، لفت المهندس خيري عبود مجلي إلى «أن شدّاون مصطلح يطلقه أهل الكهرباء في حالة الانقطاع التام للتيار الكهربائي من مصدر توليد الطاقة ، وهو يعني سقوط المنظومة الكهربائية»،
وأضاف «أُشبّه ذلك الأمر بصندوق يحوي مواد ثقيلة الوزن، يرفعه 3 أشخاص لمسافة معينة، لكن في منتصف المسافة تنهار القوة التحملية لأحد الأشخاص، ويسحب يديه... هنا يصبح ثقل الوزن على اثنين، وهو أمر لا يمكنهما تحمّله، وبذلك يسقط الصندوق لحين استراحة الثلاثة لفترة زمنية محددة، ومن ثم معاودة العملية أو التقليل من وزن الصندوق بما يتساوى مع قدرتهم التحملية».
وأكد: «ان المنظومة الكهربائية لها قوة تحملية ، وفي حالة زيادة الطلب على الكهرباء أكثر مما هو مسموح به للمنظومة تحدث حالة «الشدّاون»...أي انطفاء تام للكهرباء».
تجدر الإشارة إلى أن نسبة العراقيين الذين يجيدون اللغة الإنكليزية ليست مرتفعة، لذلك فإن بعض من يستخدمون كلمة «شدّاون» لا يفقهون معناها الحقيقي. وفي هذا الإطار فإن التفسيرات التي تُعطى لهذه العبارة كثيرة ومضحكة أحياناً، فيراها البعض تلخيصاً لعملية كيميائية، ويقول آخرون إنها اسم «الأسلاك التي تنقل الكهرباء إلى البيوت».
فيما يرى بعض العراقيين أنها دليل جديد على المصائب التي حملها معهم جنود الاحتلال الأميركي، فجاؤوا بسلاحهم وعتادهم وكلماتهم التي تزيد حياة العراقيين سوءاً وبؤساً، ويتمنون أن «يُنظف قاموس العراقيين من الألفاظ الأميركية كلها».