القاهرة ـ محمد عبد الرحمن
قبل حوالى خمس سنوات كانت مصمّمة الحلي والفضيات عزة فهمي تجهد لتقنع الشبان والشابات المقبلين على الزواج بشراء «شبكة» من الفضة.
الذهب هو السلعة الوحيدة في مصر التي يزيد سعرها كل أسبوع تقريباً، وكانت مصممة الفضيات تُذكر كل عروسين بهذا الأمر لافتة إلى أن الشبكة الفضة لن يزيد ثمنها على 1500 جنيه، وأن قطعة واحدة تنفذ من كل تصميم، لكن شروحات فهمي لم تكن تلقى آذاناً صاغية ولم يستجب لها أحد في ذلك الوقت.
وجد الشبان المصريون صعوبة في التخلي عن الذهب يقدمونه هدايا لزوجاتهم، ولم يتصوّر أحد أن تمر حفلة الزفاف من دون أن يتلألأ الذهب بين يدي العروس.
في الآونة الأخيرة تغيّرت الأمور، وصارت شكاوى الفقراء تتزايد من غلاء المعيشة، ويبدو أن حرص العائلات المصرية حتى الفقيرة منها على عدم إلغاء تقليد «الشبكة» أوجد حيلاً بديلة كان قد أحدثها استئجار «شبكة» للظهور بها أمام الناس ثم إعادتها للصائغ في اليوم التالي، دون أن يُكشف السر حتى لأقرب المقربين، وذلك تفادياً لإحراج العريس. هذه الظاهرة ليست جديدة تماماً، فقد كانت بعض العائلات تلجأ لحيل مشابهة، فكانت «الشبكة» لليلة واحدة ولكن من دون أن يتم استئجارها، بمعنى أن والدة العريس كانت تضيف بعض حليها إلى الشبكة وتعرضها أمام المدعوين فقط، ثم تسترجعها مرة أخرى.
بائعو الذهب الذين يسمحون للعرسان باستئجار حلي وأطقم من المجوهرات يشترطون على من يريد «الاستفادة من التسهيلات» شراء دبلة الخطوبة أوخاتم الزواج. ولا يزيد سعر الخاتم على 150 دولاراً، بينما يدفع العريس 40 دولاراً تقريباً لاستئجار باقي المجوهرات، كما يوقع «عقود استئجار» تتراوح العقوبات ضد من يخلف بها بين دفع غرامات أو دخول السجن إذا لم تُعَد الشبكة لصاحبها خلال 24 ساعة، علماً بأن أبناء الطبقة المتوسطة يطلبون من العرسان أن يقدموا إلى بناتهم شبكة لا يقل ثمنها عن 500 دولار، وتعلن الأم رضاها التام عن عريس ابنتها لو نجح في شراء شبكة يزيد سعرها على 1000 دولار، ومع ارتفاع أسعار الذهب، لم يعد بمقدور العرسان أن يشتروا حلياً مرتفعة الثمن، لذلك صار الأهالي يفضلون أن يشتري العريس لعروسه قطعاً صغيرة من الذهب الخفيف لكن عددها «كبير كي تملأ العين».
يُحضر العريس الشبكة ثم يوقع على«القائمة» وهي ورقة تُعدد فيها كل محتويات شقة الزوجية. ويحاسب العريس قانوناً إذا استغنى عن أي قطعة من القائمة، وتُضاف قيمة الشبكة المفترضة إلى القائمة، فإذا فكر الزوج بأن يغدر بزوجته فإنه سيكون مطالباً بتسليم الشبكة التي لم يشترها لأهل الزوجة وذلك تحت طائلة المكوث في السجن لسنوات.
لا تزال بعض العادات تثقل كاهل الشبان، وتزداد معاناة هؤلاء مع تفاقم الأزمة الاقتصادية، لذلك يبحثون عن «مخارج» لأزمتهم لا «تسوّد» وجوههم أمام أبناء مجتمعهم، ولا يفكر كثيرون بالاستغناء عن هذه العادات رغم عجزهم عن تسديد أثمانها.