خالد صاغيّة
«نحن صنعنا لبنان»، قال المندوب الفرنسي في مجلس الأمن جان مارك دو لا سابليير لنظيره الجنوب أفريقيّ. طبعاً، لم يكن دو لا سابليير يعطي دروساً في التاريخ.
«نحن صنعنا لبنان» موجّهة إلى الدول «الصغيرة» في مجلس الأمن، تلك التي تعتقد أنّ مجرّد جلوسها إلى طاولة المجلس يجعلها شريكة في القرار. «نحن صنعنا لبنان» تعني: ما دخلكم أنتم أيّها الأفارقة بما نقوم به نحن الكبار؟ ما دخلكم أنتم يا صعاليك المستعمرات السابقة بما يقرّره أسيادكم؟
«نحن صنعنا لبنان» موجّهة إلى اللبنانيين. صنعناه، ويحقّ لنا أن نفعل به ما نشاء. صنعناه ولن نتركه لكم لتديروا شؤونه وشؤونكم. منذ متى يتنازل الرجل الأبيض عن مستعمراته؟ «نحن صنعنا لبنان» هي الجملة التي ما برح يمضغها برنار إيمييه منذ وصوله إلى بيروت. لكنّ الترجمة لم تكن دقيقة دائماً.
«نحن صنعنا لبنان» موجّهة إلى الولايات المتّحدة الأميركية. فالفصل اللبنانيّ من الهجمة البوشيّة لم يكن أصلاً إلا اقتراحاً فرنسيّاً سرعان ما أغوى البيت الأبيض. فصل كُتب لضمان حصّة فرنسيّة في الشرق الأوسط الجديد، وإن اقتصرت على مستعمرتين سابقتين.
الكلام الذي جهر به المندوب الفرنسي هو أصدق تعبير عن الحفلة التي دارت أوّل من أمس في أروقة مجلس الأمن. الغريب أنّ هذا الكلام لم تقابله سوى ضحكات بلهاء وتصريحات محنّطة ممّن يفترض أنّهم يمثّلون حكومة لبنانية وتيّاراً سياديّاً لبنانيّاً.