بلال عبّود
ليل كل سبت يحوّل مجموعة من الشباب جادة حافظ الأسد أو أوتوستراد المطار إلى مسرح لاستعراض جنوني على الدراجات النارية. يستقطب هذا «الحدث الأسبوعي» عشرات الشباب من مختلف الأعمار.
ابتداء من الساعة الحادية عشرة قبل منتصف الليل، يبدأ توافد العديد من شباب المناطق المحيطة بالأوتوستراد، من الضاحية الجنوبية وبعض أحياء العاصمة. يتجمهرون على جانبي الطريق المطل على ما يسمونه «نفق الأسد» في انتظار أبطال العرض الذي يبدأ مع أول دراج يصل إلى المكان.
جمهور هذا العرض من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و 40 سنة، يسمونه «التقليع»، في ما مضى كان العرض يجرى على الطريق الرئيسي للرملة البيضاء، لكن أوتوستراد المطار يستضيف الحدث اليوم لكونه أوسع وبدون «مطبات» أو «حفر» كما يوضح بعض المتابعين المخضرمين لنشاط يوم السبت. قد تتأخر عروض «أصحاب القلوب الميتة» بسبب وجود دوريات قوى الأمن الداخلي «بينها وبينهم حرب قديمة لا تنتهي» كما يرددون.
علي فاضل (24 عاماً) واحد من الدراجين، يقول إن إغاظة الدرك هي سبب إضافي يدفعه لأن يحضر على دراجته المسماة «الجمل» (750 س. س. ل) كل أسبوع ويقوم بحركات قد تودي بحياته، لكنها ليست السبب الرئيسي.
فأسبابه لا تختلف كثيراً عن منافسيه «فيروس» و«الهامر» و«أبو زيزو» و«أبو الشعفة» وغيرهم من أصحاب العلاقات الوثيقة مع دراجاتهم المتميزة بضخامة صوتها والتعديلات على محركها التي تمكِّنها من الوصول إلى أقصى أداء وأقوى حضور، والهدف الرئيسي منه أن «يعبي الراس».
كل منهم متميز بشكل من الأداء، وقد يتنافس بعضهم في أداء بعض اللمحات.
وفي الاستعراض الجنوني حركات أقل ما يقال فيها أنها انتحار على آلة ميكانيكية، من رفع الدراجة على العجلة الخلفية عند سرعة تفوق ألـ 100 كلم في الساعة، أو الانطلاق بها إلى سرعة يصبح معها كل شيء سراباً و«الناس من حولك غير موجودين». المتسابقون لا يسعون إلى الحصول على جائزة أو مال، بل على لذة «لا يعرفها إلا من اختبرها» يقول «يوسف نجدي» سائق دراجة R1.
إلا إن اختبار هذا الشعور كلف البعض حياته، وبعضهم تعرض لإصابات بالغة وتشوهات جسدية لم تمنع الباقين من متابعة المجازفة والحضور. والتبرير لدى «أحمد صلاح» لتعرض أحدهم لحادث بسيط، إذ يقول إنه يقوم بهذه الحركات منذ كان بعمر 15 سنة ولم يخطئ مرة لأنه يملك القدرة والسيطرة على دراجته كأنها لعبة بين يديه، ويصف من تعرضوا لحوادث بالهواة و«الغشم» .
ثقته العالية بالنفس تجعله ينفي أي إمكان لأن يتعرض لحادث أو خطأ وهو الذي وصل إلى أقصى سرعة في حياته 290 كلم في الساعة.
أكثر ما تسمعه من نجوم هذا العرض هو: «الموتو» حياتي ولا أقارنها بشيء و بينها وبين أي أحد أختار الدراجة، ويخبرك بعضهم قصصاً عن الانفصال عن صاحبته لأنها خيرته بينها وبين «1100». عند الساعة الرابعة فجراً يبدأ المحتشدون بالمغادرة بعد قضاء سهرة غير مكلفة، لكن مثيرة، وتبدأ أحاديثهم عن صاحب أفضل أداء وأقوى انطلاقة وأحسن دراجة. أما الدراجون فيختفي أثرهم بعض أن عبَّروا عن حبهم للحياة بالمخاطرة بها من أجل الحصول على الإثارة والمتعة، وكل ما يبقى منهم صوت دراجتهم الذي يتردد في الرأس كأنه يقول: «انتظرونا السبت المقبل».