خالد صاغيّة
كعادتها كلّ عام، مرّت ذكرى الحرب الأهليّة. كعادتهم كلّ عام، خرج الناس ليعبّروا بأصوات خافتة عن خوفهم من شبح الحرب الذي ما زال مخيّماً، رغم مرور 32 عاماً على اندلاعها.
أهالي المخطوفين والمفقودين صرخوا: أبعدوا السياسيّين القتلة عن المناصب السياسية. ثمّة من اقترح محاكمة شعبية لمجرمي الحرب. جمعيّات أهليّة بالجملة أقامت نشاطات مختلفة للتحذير من عودة الحرب الأهلية.
في الـــــــبدايـة، كان الناس يخـــــافون إحياء ذكرى الحرب التي انتهت هكذا، على حين غرّة. كانوا يذكرونها مؤكّدين أنّ الذكرى «تَ ما تنعاد». فالسلم الأهليّ الذي فرضته «الجزمة» السورية في ذاك الزمن حوّل مجرمي الحرب إلى وزراء ونوّاب مؤتمنين على مصالح الناس. أقفلت الصفحة، وخُتمت بالشمع الأحمر.
«تَ ما تنعاد» كانت تُستخدَم للتدليل على أنّ الحديث عن الحرب لا يهدف إلى نكء الجراح، بل إلى شكل من أشكال الاتّعاظ من الماضي. أمّا اليوم، فـ«تَ ما تنعاد» تُستخدم بمعناها الأصليّ، بمعنى الخوف الحقيقيّ من إعادتها. انتقلت العبارة نفسها من معنى إلى آخر، خلال زمن قصير.
قـبل 13 نيســــــــان 1975، ثـــــمّـة طــــوائف قــــــــبعت في زاوية التهميش، وثمّة اقتصاد أنتج تفاوتات اجتماعيّة متفاقمة. بعد 32 عامـــــــاً، ثمّة من يريد أن يحكم الـــــبلاد بـــــــبرنامج يعزل بعض الطوائف، ويرفع راية الـتفاوت الاجــــــتماعي كـــــــآخر إنتاجات الحداثة.