خالد صاغيّة
يحاول المسؤولون حول العالم أن يضغطوا على أنفسهم، ويتكبّدوا عناء توجيه رسالة إلى العمّال في عيدهم. وغالباً ما تُختصَر هذه الرسالة بجملة واحدة، بلغات مختلفة، مفادها انّ التضامن مطلوب بين العمّال وأرباب العمل.
وفي لبنان، حيث انهارت امتيازات العمّال واحداً بعد آخر، لم يشأ المسؤولون أن يشذّوا عن هذه القاعدة. فارتأى وزير العمل بالوكالة حسن السبع الدعوة إلى «حوار صادق بين العمّال وأرباب العمل والدولة بعيداً عن المنازعات الضيّقة».
لكنّ السبع القادم حديثاً إلى عالم الوزارات، فاته أنّ هذه الدعوة إلى الحوار الصادق جاءت بعد سنوات طويلة من التواطؤ بين الدولة وأرباب العمل (وسلطة الوصاية) على ضرب النقابات وتفتيتها، وبعد سنوات طويلة من العمل الدؤوب لإيصال مؤسّسة الضمان الاجتماعي إلى حافة الإفلاس، ورفض العمل على بناء أيّ نوع من أنواع شبكات الأمان الاجتماعي. وبعد سنوات طويلة من حرمان العمّال من أيّ زيادة للأجور. باختصار، بعد سنوات طويلة من الجهد المضني لإعادة هيكلة الاقتصاد بما يخدم مصلحة الطبقات «العليا» في المجتمع.
«الحوار الصادق» الذي يطلبه معالي الوزير مطلوب إذاً بعدما جُرِّد العمّال من حقوقهم. إنّه حوار حول أساليب التكيّف مع الوضع الجديد. أو ربّما كان حواراً حول فوائد الفقر، أو نوعاً من التباري الأخلاقيّ حول حسنات الانصياع والخضوع...
في لبنان، ثمّة طريقة واحدة للاحتفال بعيد العمّال: إدانة اغتيال رفيق الحريري، وإدانة الحريريّة في الآن نفسه.