زياد عبد الواحد
قد يخطر في بال قارئ نهم أو محب للثقافة والفنون أن يجد وسيلة يستجمع فيها أسماء عدد كبير من الرموز الأدبية والفكرية والفنية السعودية. قد يقرر ـ إذا كان ميسوراً ـ أن يوضب حقيبة، أن يشتري تذكرة سفر ويتوجه إلى المملكة. قد تكون هذه فكرة مجنونة لرحلة بحث مضنية عن بعض الأسماء. الدكتور عبدالحليم رضوي من الفنانين التشكيليين الرواد في المملكة، ولا يوجد شارع فيها يحمل اسمه. هذه المفاجأة الأولى التي قد تواجه “الباحث المجنون”.
تلفت الدكتورة ابتهاج إدريس، أستاذة مادة الفنون في جامعة أم القرى، إلى وجود شارع يحمل اسم الفنان الراحل في إسبانيا، وأفادت بأن “تكريم رضوي في وطنه جاء على استحياء بعد أن كُرم في إسبانيا التي سيصدر فيها هذا العام كتاب عن أعماله”.
“رضوي ليس الوحيد الذي ضنت عليه السعودية بتخليد اسمه وإن على لوحة في شارع، فغياب أسماء الرموز الثقافية والأدبية والفنية عن شوارعها هو قاعدة” وفق ما يردد مثقفون، ويضيفون: “ما خلا ذلك يعد استثناءً. وفي حال وجود شوارع تحمل أسماء هذه الرموز فإنها لا تعدو كونها شوارع فرعية، لأن الشوارع الرئيسية يحتكرها الملوك والأمراء والرموز الدينية والتاريخية غالباً”.
ثمة “بارقة أمل” تمثلت بدعوة وجهها أمير منطقة جازان إلى المجالس المحلية والبلدية لتسمية شوارع المنطقة في مختلف المحافظات، بأسماء روادها من الأدباء والمثقفين.
ويقول عضو النادي الأدبي في جازان والقاص عمر زيلع إن إطلاق أسماء الرموز الثقافية على بعض الشوارع في جازان ليس فتحاً جديداً، “فالناس قد سبقونا منذ قرون في هذا المجال، الذي هو جبر خاطر للأحياء أكثر منه نفعاً للأموات”.
الصحافي أحمد القاضي له رأي مخالف، وهو رأى أن المثقف بعد سنين من التهميش ليس في حاجة إلى تكريم شكلي. ورأى الروائي عبدالسلام الحميد أنه حينما تصبح الثقافة قيمة مجتمعية ستجد شوارع تحمل اسم مبدعين سعوديين، لافتاً إلى أن هذه مرحلة بدأت في حائل، “إذ لدينا شارع دشنه أمير المنطقة باسم كبير مثقفي المنطقة فهد العريفي”.
مدينة جدة قد تشكل استثناءً، إذ تحمل العديد من شوارعها أسماء مبدعيها، لكن الشاعر مسفر الغامدي له رأي في هذا الصدد فقال: “يصدف أحياناً أن أخرج عن شارع رئيسي كبير، وأنعطف إلى شارع مهمش وضيق، وألتفت مصادفةً إلى اللوحة المستطيلة الزرقاء لأجد اسم أديب رحل عن عالمنا في الغالب، فأكتشف ساعتها كم أن الثقافة في بلدنا مهمشة، وكم أن المثقفين ـ وإن كانوا تقليديين ورسميين ـ يشبهون تلك الشوارع الرثة والضيقة. في ما عدا ذلك لا أثر لأي اسم ثقافي ذي طبيعة إشكالية بالنسبة للسلطة أو للتيار الديني”.
وأكد الغامدي “المسؤول بالطبع هو من غيّب الثقافة الحقيقية ولم يعترف بها كأحد العوامل المهمة التي ينهض عليها المجتمع، ولا يقوم بدونها... وتلك حكاية أخرى!”.