بول الأشقر
بلغ الأديب العالمي غبريال غارسيا ماركيز في السادس من آذار عامه الثمانين... العالم يحتفل به وستستمر الاحتفالات حتى نهاية الشهر الجاري حيث سيتسلم شخصياً في كارتاجينا في كولومبيا خلال «المؤتمر العالمي الرابع للغة (الإسبانية)» الطبعة الأخيرة لـ“مئة عام من العزلة”. وتتضمن هذه الطبعة شهادات من رواد الأدب ككارلوس فونتيس وألفارو موتيس وماريو فارغاس يوسا وغيرهم، وفيها أيضاً شجرة عائلة بوونديا لتسهيل تنقل القارئ بين أجيالها ومعرفة كل شخصية.
أراكاتاكا ــــــ واسمها ماكوندوا في رواية غارسيا ماركيز ــــــ تحتفل بماركيز، وقد بدأ ترميم معالم القرية، بعد مئة عام ستخرج أراكاتاكا من العزلة، ستغني وترقص لتخلع عنها رداء “شوارع الصمت والموتى”.
أخيراً التقى كتاب وقراء في “بيت أميركا” في مدريد، وبدأوا قراءة غير منقطعة لـ“مئة عام من الوحدة” من أول كلمة حتى آخر كلمة احتفالاً بالكتاب الذي وجدته أكاديمية اللغة ثاني “روعة للأدب الإسباني بعد “دون كيخوته” لسيرفانتيس”.
تتزامن الاحتفالات بماركيز مع تواريخ مهمة، تأتي بعد أربعمئة عام على صدور “دون كيخوته”، وبعد ثمانين عاماً من أصل مئة، وستين عاماً من الكتابة، وأربعين عاماً على صدور “مئة عام من العزلة”، وخمسة وعشرين عاماً على تسلم الأديب الكولومبي جائزة نوبل... تنتظم هذه التواريخ ليحتفل بها الناطقون بالإسبانية والقراء بكل لغات العالم.
عرف ماركيز صحافياً كبيراً وكاتب قصص رائعة، ومن ثم كاتب الروايات التي أدهشت الملايين من القراء حول العالم بواقعيتها السحرية. ربما هذا ما يفسر ما حصل أخيراً، حين استخدم عنوان كتاب «خريف البطريرك» لمهاجمة الزعيم الكوبي فيديل كاسترو وللدفاع عنه في فترة مرضه، وهو الكتاب الذي يشرّح الاستبداد التروبيكالي.
كان غابريال غارسيا ماركيز مولعاً بالسينما عندما غادر كولومبيا متوجهاً إلى أوروبا، حيث تسجّل في مدرسة للسينما في روما. وبعد سنوات أسس مدرسة السينما في كوبا. لكن السينما عجزت عن صياغة هذا الفائض من الخيال في روايات ماركيز. جرّب الكثيرون بنجاح متفاوت نقل رواياته إلى الشاشة الفضية. لذلك قال له غلوبير روشا ــــــ وكان يلقبه غارسيا ماركيز بـ “أجمل مُذنّب عرفته السينما الأميركية اللاتينية”: “بما أن من المستحيل نقل آثارك إلى السينما، سأكتفي بسرقة المشاهد وضمها إلى أفلامي كلما تسنت لي الفرصة”.
“غابو” كما يُلقبه أصدقاؤه يحتفل به في كل محطة قصدها، في باريس حيث ذهب بحثاً عن همنغواي، ونام ليلة تحت جسر هذا الأخير، فيما البوليس يلاحقه معتقداً أنه جزائري. وفي مكسيكو حيث استقر منذ أكثر من ربع قرن إلى جانب صديقه الكاتب ألفارو موتيس، وفي كولومبيا التي تخيّل فيها كل آثاره حتى لو ابتعد عنها لأسباب غامضة لها علاقة بعنفها البنيوي أو بشيء آخر له علاقة بنسائه. غابو خطا في “الثمانين من أصل مئة” كما يحلو للبعض أن يردد، الكل يحب أدبه وإن كان بعض أصدقائه يفضلون غابو ما قبل “نوبل” لعفويته.