خالد صاغيّة
التقى الغالب بالمغلوب صدفة، فقال له: «وينك يا زلمي؟». فردّ المغلوب بأنّه يعدّ أوراقه للسفر. فوجئ الغالب بالأمر، وسأل عن السبب. فأجهش المغلوب بالبكاء، وأضاف بأنّ الأجهزة الأمنية تلاحقه، وقد أعطي مهلة 48 ساعة حتّى يغادر البلاد.
أصيب الغالب بالدهشة. ففاجأه المغلوب قائلاً: «وبالمناسبة، أنت أيضاً مطلوب». زادت دهشة الغالب، وقال: «أنا مطلوب؟». فقال له: «نعم، السيّد خافيير سولانا لا يريد أن يرى وجهك». كاد الغالب يفقد صوابه: «سولانا؟ ومن هو هذا السولانا، وما علاقتي به؟». فأجاب المغلوب: «ألا تعرف سولانا؟ إنّه الممثّل الأعلى للسياسة الخارجية والأمن المشترك في الاتحاد الأوروبي!». ضحك الغالب قائلاً: «الاتحاد الأوروبي شخصياً يطلب رأسي؟». فقال المغلوب: «نعم، والسيّد فاروق الشرع أيضاً، ومجموعة كبيرة من السياسيين اللبنانيين من الطوائف كافة. كلّ هؤلاء لا يريدون لك أثراً هنا».
فكّر الغالب بصمت، ثمّ قال: «وما الحلّ إذاً؟». «الهجرة»، أجاب المغلوب. «سنهاجر معاً، سنرحل إلى بلاد لا مشكلة لديها معنا».
«نترك البلد؟»، سأل الغالب بحسرة، ثمّ أضاف: «ومن يبقى فيها؟». أجابه المغلوب: «يبقى المغلوب على أمرهم». فقال الغالب: «وأنت ألستَ واحداً منهم؟». فردّ المغلوب: «لا، أنا مغلوب، لكنّي لستُ مغلوباً على أمري. الفرق كبير. غداً، حين نغادر، ستنظر إلى الباقين هنا، وستعرف ما أعنيه بالمغلوب على أمرهم».
«معك حقّ»، قال الغالب، «وبالمناسبة، الغالبون على أمرهم سيبقون أيضاً».