strong>غسان سعود
لا شيء يوازي حماسة الماليزيين وهم يتحدثون عن مدينة “بوتراجايا”. ابنة العشر سنوات هذه أشبه بمعجزة يؤمن الماليزيون بأنها “أهم من كل ما وجد على الأرض”. وكثيرون في غرب ماليزيا وشرقها يعلقون على جدران منازلهم صوراً لهذه المدينة.
في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي تقرر إنشاء عاصمة إدارية حكومية جديدة تحل محل العاصمة الحالية كوالالمبور. واختير موقع هذه العاصمة بعد الأخذ بعين الاعتبار مواصلة كوالالمبور لتطورها وتحولها إلى المركز التجاري الحيوي للمال والأعمال.
تمتد بورتراجايا على مساحة شاسعة تبلغ 4932 هكتاراً جنوب ولاية سيلانجور. وتم تخصيص 38 في المئة من هذه المساحة لإقامة الحدائق والبحيرات ذات المياه الصالحة للشرب، إضافة إلى تلبية هذه البحيرات الاصطناعية لشروط المسابقات الرياضية، بحيث تحتضن مسابقات التجذيف وسباق الزوارق البحرية والدراجات المائية.
ويقول متحدث من وزارة السياحة الماليزية إن هذه المدينة تأتي في المرتبة الأولى عالمياً بصفتها “مدينة عصرية”. وهي “مثال للمدينة النموذجية الحديثة ذات الأشكال الهندسية الدقيقة والتصميمات العمرانية الإبداعية المتميزة، إضافة إلى الاهتمام الفائق بالمحافظة على البيئة. وتعكس مباني هذه المدينة وشارعها وجوامعها وحدائقها الكبيرة ازدواجية الفكرة المتمثلة باعتبارها مدينة طبيعية وذكية”.
التصميمات الغريبة للمصابيح هي أكثر ما يلفت الانتباه في هذه المدينة، فيها ملامح من التراث الماليزي مثل المشعل والطائرات الورقية.
يحتضن قصر “بردانا بوترا” في المدينة مكاتب رئيس الوزراء ونائبه والوزراء ونوابهم. وتجسد التصميمات المتنوعة لهذا البناء ملامح الفنون الإسلامية المغولية، سقفه مرقط باللون الأخضر وتعلوه قبة مرصعة بالفسيفساء ومحاطة بأربع قبب صغيرة، وتزينه نوافير حجرية منقوشة. وفي المدخل الرئيسي أعمال حرفية ــــــ حديدية، يقول الخبراء إنها فريدة أيضاً. وتنسجم ألوان هذا القصر مع انعكاس الألوان فوق مياه بحيرة بورتراجايا التي تحيط به. يقول أهالي هذه المدينة إنه لا شيء يضاهي روعة “بردانا بوترا” إلا “سري بردانا” وهو المقر الرسمي لرئيس الوزراء. ولا يسمح بدخول هذا القصر إلا بثياب رسمية للرجال، والملابس “المحتشمة” للنساء.
قرب “سري برداناط يقع مسجد بوترا بقبته القرمزية اللون وأعمدة المرمر المزخرفة بالورود، وهو يتسع لأكثر من 15 ألف مصلٍّ. وتبلغ المسافة بين أرض حرم الجامع وأعلى مكان أسفل القبة قرابة 2500 قدم. وقد استوحى مصممه منارته من منارة جامع الشيخ عمر في العاصمة العراقية بغداد. ويصل ارتفاع المنارة إلى حدود 116 متراً، وهي ذات صحون خمسة ترمز إلى أركان الإسلام الأساسية الخمسة. والجامع مجهز بغرف خاصة لاستقبال كبار الشخصيات، وبمكتبة وقاعة للمحاضرات، ومتحف لمخطوطات القرآن الكريم، وقاعة اجتماعات وصالة مخصصة لإقامة المعارض.
وتمتد حديقة تامان التي تُعَدُّ أكبر حديقة مائية استوائية صناعية. وفيها أنواع عدة من الطيور أجملها المالك الحزين والواق.