خالد صاغيّة
في قديم الزمان، «كان البلد ماشي». كان الدين العام يتراكم، وكانت الحكومة تجيب بواسطة أبواقها الفنية والإعلامية «ولا يهمّك»... والدَين، تعريفاً، هو تراكم عجز الموازنات عبر السنين. والتراكم، تعريفاً، هو ما لا يحدث في لحظة واحدة. لذلك، لا يمكن أحداً أن يوهم نفسه وأنفسنا أنّه استفاق فجأة ووجد الدين العام يقارب المئتين في المئة من الناتج المحلي.
لا يمكنه أن يفعل ذلك، حتّى لو تحدّث بلكنة إنكليزية، وحتّى لو استفاق على صحوة ضمير، أو على غشاوة تنزاح عن عينيه.
لا يمكنه أن يفعل ذلك لأنّه كان يعلم تماماً أنّ دولاً أكثر ثراء قد سبقتنا إلى هذه الهاوية، وأنّ لبنان لا يتمشّى وحده ملكاً على ضفاف التاريخ. لكنّ ثمّة من كان يفضّل النظر في اتّجاه آخر، حيث ناطحات السحاب تعلو فوق أجساد بنّائيها، وحيث النفط يصنع المعجزات ممزوجة باللعنة.
في قديم الزمان، «كان البلد ماشي». كانت الهجرة ترتفع، والبطالة تتفاقم، وكانت الحكومة تجيب «الشغل ماشي». لم يكن ذلك كذباً. فثمّة من «مشى شغلهم» حقاً. جلسوا وراء المقود وأداروا العجلة الاقتصادية في اتّجاه مصالحهم. ثروات طائلة تضاعفت. وأخرى بُنِيَت حجراً حجراً، وصفقة صفقة.
لكلّ ذلك اسم وأكثر من تفسير يجد بذوره الأولى في ما كتبه لينين حول الدولة. لكن، لا يمكن البوح بذلك. فأمام لغة «الاقتصاد الحــديث»، من يجـــرؤ على النطق بلغة خشبيّة؟