جوانا عازار
يجول ميشال يوحنا صقر بين حقبات التاريخ التي رسمها وحفظها، “فنّان الشعب” كما يسميه عارفوه جعل متحفه الخاص “هيكل الحضارات” في بلدة بنتاعل (قضاء جبيل) ملتقى حقبات متنوعة.
ذاع صيت صقر بأنه صاحب لوحة “الحرب ضدّ مشيئتي” التي حملها البابا يوحنّا بولس الثاني يوم زار لبنان، قائلاً “سأحملها معي وأركّزها في أعزّ الأماكن”، فوضعت في المتحف الدولي للفاتيكان، وهو صاحب أيقونة “الصخرة” التي تجسّد صورة القديس نعمة الله كساب الحرديني والتي حملتها عائلته الى الفاتيكان يوم تطويبه، ووضعت في متحف القديسين، وله أيضاً لوحة “يوم الوفاء” لجنود هيئة الأمم المتّحدة التي وضعت في مبنى هيئة الأمم المتّحدة في نيويورك، وهو صاحب أوّل أيقونة دخلت الى المجلس النيابي اللبناني وتحمل اسم “قانا عرس الشهادة”.
في متحفه لوحات تختصر حقبات من التاريخ وحضارات قديمة: الفرعونيّة، والأشوريّة، والبابليّة، والكنعانيّة، والفينيقيّة وغيرها. وصقر على أي حال متخصّص بفنون الحضارات القديمة والفنّ البارز الذي تعلّمه من الفنّان المعماري الإيطالي لمبرتو بيتشي الذي عمل معه لمدّة سنتين وتعلّم منه أيضاً النحت المعكوس لصنع القوالب.
وهو ابن 8 سنوات بدأ صقر يرسم على الفخار والصحون، ثمّ تدرّج في الرسم على يد الفنّان قيصر الجميّل والفنّان الفرنسي روبير لاسوز، وتخصّص بعدها في هندسة الديكور الداخلي، وعمل في هذا المجال في لبنان والسعوديّة حيث تولّى نحو 150 مبنى من قصور وفيلات وبنوك ومتاجر. ونفّذ منحوتة الملك عبد العزيز بخشب التك، وصمّم مفروشات لأشهر المعامل الايطاليّة وكان أوّل من استعمل الكروم في المفروشات، ونفّذها في روما وصدّر منها الى العالم عام 1978.
صقر الذي تفرّغ كليّاً للرسم والنحت بدءاً من عام 1991 وصل عدد أعماله الى 1500 عمل، بقي منها 300 معروضة في متحفه.
“هيكل الحضارات” مفتوح للعموم. وقد حاول صقر مراراً التعاون مع وزارتي الثقافة والسياحة لافتتاحه رسميّاً ووضعه في تصرّف الدولة لما يمثّل من قيمة فنيّة للبنان، إلا أنّ محاولاته باءت بالفشل، وعزا صقر هذا الأمر الى أنّ “هناك تحاملاً على الفنّ في لبنان المحتلّ فكريّاً والذي أضحى مهزلة الحكّام والفنّان فيه مغلوب على أمره”. ولهذه الأسباب يعيش صقر فترة نقاهة، هو الذي ذاع صيته في أوروبا والبلاد العربيّة، ويعتبر أنّ السلطات اللبنانيّة تجاهلته وأنكرته وتخلّت عنه، فيما عرضت عليه حكومة ألمانيا أن تتبنّاه وأن يعمل على رسم تاريخها القديم.
حقق صقر نجاحات في مسيرته الفنية، واشتهرت لوحاته، لكنه يعتبر أنّه لم يكمل طريقه بعد.
ويرى من جهة أخرى أنّ لوحاته كلّها مهيّأة لكي تعرض في متاحف مهمة.
في متحفه الذي يريده ملتقى لكل محبّي الفن، يعيد صقر سرد قصص لوحاته، وهو ينظر إليها بحب كبير إذ تشكل كل لوحة حالة مهمة أراد التعبير عنها. ومتحفه أيضاً حالة فريدة في لبنان والعالم العربي حيث يندر الاهتمام بالفنون والأعمال الثقافية.