خالد صاغيّة
لا داعي للقلق من الورقة الاقتصاديّة المسمّاة إصلاحية. فقد أدلى النائب سعد الحريري أخيراً بدلوه الاقتصاديّ، وجاء بالنتيجة الآتية: «إنّ باريس 3 مكمّل لباريس 2». وللمزيد من الدقّة، أطلق تصريحه هذا من مدينة باريس نفسها. تبدّدت مخاوف اللبنانيين نتيجة هذا التصريح الدقيق. فمن سيناقش بعد اليوم فوائد الخصخصة وسلبيّاتها، ومن سيدرس وقع الضرائب الجديدة على ذوي الدخل المحدود، ومن سيهتمّ بالعلاقة بين النموّ والتوزيع، ومن سيندب شبكات الأمان الاجتماعي؟ لا أحد. لا أحد مستعدّ لإضاعة وقته بهذه الأمور الثانوية. فها هو زعيم الأغلبية النيابية يطمئن شعبه: باريس 3 مكمّل لباريس 2.
تبدّدت المخاوف إذاً. لكن حلّت محلّها الحيرة. فمنذ إطلاق هذا التصريح الحريريّ، واللبنانيون غارقون في حيرة لا قرار لها، حول العلاقة بين باريس 2 وباريس 1. فهل يا ترى أنّ باريس 2 كان مكمّلاً لباريس 1، كما باريس 3 مكمّل لباريس 2؟
لم يقدّم الحريري إجابة عن هذا السؤال المصيري. لكنّه فضّل، ما دام موجوداً في الإليزيه، أن يستغلّ المناسبة وينتقل من التنظير الاقتصادي إلى التنظير السياسي. وهذه المرّة، لم يكن لبنان الصغير موضوع مداخلته، بل الشرق الأوسط برمّته. وفي هذا الخصوص، أوضح الحريري أنّه ليس مع شرق أوسط جديد، ولا مع شرق أوسط إسلامي إيراني، إنّه مع «شرق أوسط عربي بحت». درس جديد في الجغرافيا... وفي التهريج السياسيّ البحت.