خالد صاغيّة
كان المشهد ليبدو أكثر توازناً لو أعلنت المعارضة الإضراب لأسباب اقتصادية، ولو دافعت الحكومة عن نفسها مستخدمة حججاً سياسية. أمّا ما نشهده اليوم فهو إضراب يرفع أوّلاً شعار المشاركة السياسية، وحكومة تجتمع بنصابها المنقوص لتقول إنّها أنجزت فرضها الاقتصاديّ. فلعلّ آخر ما يمكن أن تدافع به الحكومة عن نفسها هو عرض «الدوفوار» الاقتصادي، وخصوصاً أنّ هذا «الواجب المدرسيّ» لا يمكن إلا وضعه في سياق إنجازات السنيورة منذ عام 1992 حتّى اليوم.
كان الأجدى بالسيّدة نائلة معوّض مثلاً أن تعيد على أسماعنا نظريّاتها في السياسة وفي الأدوات السورية الإيرانية، بدلاً من محاولة إقناعنا أنّها تحمل منذ نعومة أظفارها همّ التنمية المستدامة، والسهر على راحة المهمّشين.
وكان الأجدى بالدكتور خالد قبّاني تقديم مطالعات قانونية إضافية عن دستورية حكومة لا تتمثّل فيها إحدى الطوائف الكبرى، بدلاً من إقناعنا بأنّ شغله الشاغل ينصبّ على معالجة آفة التسرّب المدرسيّ.
وكان الأجدى بالنائب سعد الحريري مواصلة مطالبته بالمحكمة الدولية بدلاً من دعوة «الفلاحين والعمال الزراعيين» إلى مواصلة «البحث عن لقمة عيشهم». فوعيه المفاجئ لوجود فلّاحين وقطاع زراعي وفقراء يسعون وراء خبزهم اليومي لا يخدم تماماً برنامج الحكومة.
وحده وزير الشباب والرياضة بدا موقفه صلباً. فقد آثر إخبارنا، بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر على تلويث يديه في الرمل العالي، اعتناقه مذهب اللاعنف ودأبه على بثّ الإشعاع الحضاري.