خالد صاغيّة
للمرّة الأولى، يقف عدد من الزعماء اللبنانيين ويتحدّثون عن صلب المسألة الاقتصادية. للمرّة الأولى، يشير هؤلاء بأصابعهم، وبصراحة تامّة، إلى العمود الفقري للحلقة الاقتصادية القاتلة التي تقبض على خناق البلاد. للمرّة الأولى، يبدو وكأنّ ثمّة حصاراً سياسياً من جانب المعارضة للمصارف.
لكنّ ما يجري ينبغي ألا يثير الذعر في الجسم المصرفيّ. فالكلام الصريح الذي تطلّب البوح به أكثر من عقد ونصف على بداية مشروع النهب الشرعيّ والمنظّم، ليس نوعاً من الصحوة. إنّه أشبه بأحاديث الاستهلاك السريع التي لا تتصل بالموقف المتماسك.
يجب القول إنّ ما حدث في الأعوام السابقة ليس خطيئة المصارف التي جنت أرباحاً طائلة من دون أيّ جهد يُذكر. إنّه خطيئة السياسات الاقتصاديّة التي لم تلاق دائماً أصواتاً ترتفع اعتراضاً، على الرغم من فظاعتها. فوفقاً لأكثر الأرقام تفاؤلاً، تمثّل الفوائد على سندات الخزينة ما يقارب نصف الدين العام. ووفقاً لأكثر الأرقام تشاؤماً، تمثّل هذه الفوائد ما يقارب ثلاثة أرباع هذا الدين. بعد باريس ــ 3، ستستمرّ الدوّامة نفسها. ونموّ الناتج المحلي الذي يُردّد على ألسنة ببغائية لن يكون نمواً لكتلة رواتب الموظّفين، ولا حتّى نمواً لأرباح الصناعيّين والمزارعين. سيكون مرّة أخرى تمدّداً ونمواً للفوائد.
نتائج مؤتمر باريس ــ 3، في حال نجاحه، معروفة: مزيد من التفاوت الاجتماعيّ ومن التشوّهات الهيكلية للاقتصاد اللبناني. ما لا نعرفه هو نتيجة فشل المؤتمر.