ليال حداد
هذه السنة أيضاً التحضيرات لعيد الميلاد مكثفة. الهدايا والزينة والشجرة صارت جاهزة أو تكاد في معظم البيوت. كل شيء حسب المعتاد، وحدها الزينة اختلفت لتواكب التطورات السياسية وتعكس الانقسامات بين اللبنانيين. ألوانها تعبيرات عن الانتماءات السياسية للمحتفلين بالعيد. وأصحاب المتاجر التي تبيع الزينة لبّوا طلبات الزبائن السياسية. هؤلاء التجار لا يخفون فرحتهم بالموضة الجديدة التي ساهمت في رفع مبيعاتهم هذا العام، ويعلق تجار بالقول “هذا هو اللبناني إذاً، يبحث دائماً عن وسائل مبتكرة للتعبير عن انتمائه وولائه السياسي”.
تعلّق نورما رومية ممازحة وهي تشتري بعض حاجيات العيد “الحمد لله لأن لون الشجرة أخضر فحركة أمل والمردة حلفاؤنا وإلا لما كنت وضعت شجرة هذا العام”. فالسيدة نورما كانت تبحث عن زينة برتقالية وصفراء لتضعها على الشجرة تعبيراً عن تأييدها للتفاهم بين التيار الوطني الحر وحزب الله ولتؤكد أن “هذا التفاهم ليس فقط حبراً على الورق إنما يجب ان يدخل تفاصيل حياتنا الصغيرة”. وترفض نورما استخدام لوني الأحمر والأبيض لأن “معتمديها” من تيارات تؤيد الحكومة.
منصور شهاب أمضى وقتاً طويلاً وهو يبحث مع ابنتيه عن الزينة ولم يجد ضالته، قال “أريد زينة زرقاء وفاءً للرئيس الشهيد رفيق الحريري ودعماً لحكومة السنيورة”، وأضاف: “كل شيء في لبنان أصبح متعلقاً بالسياسة حتى الزينة، وهذا أمر جيّد”.
أما الأطفال وهم المعنيون الأساسيون بأجواء العيد فإنهم لا يفرقون بين ألوان العيد ولا يهتمون إلاّ بالهدايا التي ينتظرونها صباح يوم العيد ليجدوا ما طلبوه من بابا نويل تحت الشجرة.
روني مراد (9 سنوات) لخّص مازحاً ما يفكر به بعض أقرانه وقال “لا فرق، مهما كان لون بابا نويل فالمهم أن يأتي بالهدايا في الوقت المناسب”.
كلام روني لا يقنع صغاراً آخرين، فهناك من يبحث عن بابا نويل برتقالي ويعتقدون أنهم قد يجدونه في ساحة الاعتصام. وقد تم بالفعل تزيين بعض الشجرات في وسط بيروت التــــــــجاري احتفالاً باقتراب عيد الميلاد.
إدمون موسى يملك متجراً لبيع الألعاب والزينة في بيروت روى أن زبونة دخلت متجره قبل أيام ورفضت ان تشتري شخص المسيح المخصص للمغارة لأن القماش الذي يلفه برتقالي اللون واتهمته بالتحيز الى التيار الوطني الحر وانهالت عليه وعلى العماد ميشال عون بالشتائم فما كان من موسى إلا ان طردها من المتجر على رغم انه لا ينتمي إلى أي تيار سياسي.
إذا أراد المرء أن يتعرف بانتماءات اللبنانيين، وقد يجد وسيلة مسلّية للتعرف بنسبة المؤيدين للحكومة أو للمعارضة، فما عليه إلاّ أن يقف أمام متجر لبيع الزينة ويراقب أعداد حاملي الزينة الزرقاء ويقارنهم مع حاملي الزينة البرتقالية والصفراء ليتوصل إلى تحديد هل تكون الغلبة للموالين للحكومة الحالية أم للمعارضين لها.