رام الله ــ يوسف الشايب
مع دخول الشارع الفلسطيني مرحلة انقسام حاد، ومع رؤية البعض لها مقدمات لحرب أهلية طاحنة، بدأت دعوات التهدئة تنهال من الداخل الفلسطيني، ومن أبناء الجاليات الفلسطينية في المهجر، ومن أبناء الدول العربية، وبعض الشخصيات الدولية.
فبعد الدعوة التي وجّهها الرئيس اليمني علي عبد الله صالح إلى الرئيس عباس وحركة فتح من جهة، والحكومة وحركة حماس من جهة أخرى إلى «وقف إطلاق النار، والعودة إلى طاولة المفاوضات»، كانت دعوة الرئيس الليبي معمر القذافي، وأمنيات القادة العرب جميعاً. وأصدرت المفوضة الأوروبية المكلفة بالشؤون الخارجية وسياسة الحوار، بينيتا فيريرو فالدنر، من بروكسيل، بياناً تدعو فيه الشعب الفلسطيني إلى التهدئة والتريّث، ثم نجحت مساعي حركتي الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ومنظمات فلسطينية أخرى، في إقناع الطرفين بوقف الاقتتال وإعلان التهدئة العامة، وهي على حد وصف الكثيرين «تهدئة هشة». ولم تقف الجاليات الفلسطينية في الخارج مكتوفة الأيدي أمام «خزي ما يحدث»، فبعثت الهيئة الإدارية لجمعية الجالية الفلسطينية في سويسرا، برسالة إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ورئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية، طالبتهما ببذل الجهود الموحّدة لوقف ما يحدث في قطاع غزة والضفة الغربية من مواجهات بين أنصار حركتي حماس وفتح.
وتقود محطات إذاعية حملة، مستخدمة وسائل عدة، منها التذكير بشهداء فلسطين، والأسرى، والجرحى، والقدس الأسير، واللاجئين المشردين في أنحاء المعمورة، والاستيطان، وجدار الفصل العنصري، وارتفاع نسب البطالة والفقر، والهجرة كذلك، ومنها ما ينقل رسائل مباشرة على لسان شخصيات عامة، دينية، ومجتمعية، كمفتي الديار الفلسطينية، والبطريرك الأكبر، والشخصيات المثقفة، في حين تتجه محطات أخرى إلى توظيف أغنيات لفنانين، أو مقاطع منها في النهي عن «المزيد من إراقة الدم الفلسطيني»، وهو ما فعلته إذاعة أمواج في رام الله، التي تقدم كل عشر دقائق تسجيلاً، ينوّه إلى أن «الاقتتال الداخلي يتجه بنا نحو النهاية المأسوية لسنوات النضال الفلسطيني»، وأن «لا أحد يخرج من هذا الاقتتال منتصراً»، وتختم رسالتها التي هي رسالة الشعب الفلسطيني بأكمله، بمقطع بصوت الفنانة اللبنانية العربية الكبيرة، فيروز، وهي تغني «لا تنسوا وطنكم» ... «لا تنسوا وطنكم».
ويجد سعد العاروري، مدير الإذاعة، أن صوت فيروز قد يكون له التأثير الكبير على الفرقاء ... «نأمل ذلك»، وخاصة أن الكثير من المواطنين أثنوا على ختام رسالتنا ضد الاقتتال الداخلي بتحذير فيروز «لا تنسوا وطنكم»، في حين أكد آخرون أنهم تأثروا جداً لذلك، وخاصة أنهم يرون الوطن يغرق، ولا يستطيعون إنقاذ السفينة. ويوحّد صوت فيروز الفلسطينيين كلهم كل صباح، كما هي الحال في الكثير من البلدان العربية، وربما يجمع الفرقاء، مع تحفّظ البعض، على أهمية ما قدمته المطربة اللبنانية الكبيرة، عبر مشوارها الغنائي للقضية الفلسطينية، تلك التي خصّتها بالكثير من الأغنيات الخالدة، كأغنية «يا قدس يا مدينة الصلاة».