خالد صاغيّة
يا أيّها الرجل الأبيض هل تراني؟ هل تسمعني؟
ها أنا أتكلّم بلسانك. وأقوم بأفعالك. وأعبّر عن مواقفك. «شوفوني ما أحلاني».
ليس فؤاد السنيورة وحده من يصرخ هكذا. فمن سُمّوا بـ«المعتدلين العرب» يقوم معظمهم بأكثر من ذلك، لجذب انتباه الرجل الأبيض، للحصول على مجرّد اعتراف بأنّهم الأحصنة التي يراهن عليها في مواجهة الأصوليات والإرهاب والتخلّف... وغالباً ما يشعرون بالإطراء حين يُقال عنهم إنّهم مسلمون عرب متمدّنون، ولا يخفّف من زَهْوهم أنّ المقصود هو القول إنّهم متمدّنون، على رغم أنّهم عرب، وعلى رغم أنّهم مسلمون!
كان دائماً لافتاً مشهد رئيس حكومتنا حين يعقد مؤتمراً صحافياً مشتركاً مع ضيوفه البريطانيين أو الأميركيين. فعلى رغم توافر ترجمة فورية، وعلى رغم حدوث المؤتمر في مقرّ رسميّ لبناني، كان رئيس الحكومة يصرّ على التحدّث بالإنكليزية.
يتعدّى الأمر حدود اللغة كوسيلة تخاطب. إذ لا مجال هنا لإخفاء الدلالات الرمزية. لكن، يبدو أنّ السنيورة قد لبس الدور تماماً. فشرع يستخدم الإنكليزية في مخاطبة الصحافيين اللبنانيين، حتّى من دون وجود ضيف غربي. بالأمس، طلب منهم التزام الدور، قائلاً: «واحد... at a time».
ربّما كان مأخوذاً بـ«بروفاته» على أغنية (at a time) لجوني كاش. فمن يدري؟ قد يضطرّ في المستقبل إلى توديع جورج بوش بأغنية كاش القائلة: توقّف عن حبّي/ دعني أفقدك/ ابتعد على مهل، كأنّك لا تريد الرحيل/ اتركني a little at a time.