قبل أكثر من عقد شهد شارع الحمراء ومناطق أخرى في بيروت، ظاهرة غريبة، أقفلت أبواب عدد كبير من المكتبات ــ وخاصة القديمة منها ــ وافتتحت مكانها مطاعم الأكل السريع.قال بعض القيمين على تلك المكتبات إن عدد القراء في تراجع مستمر، وإنهم يتكبدون خسائر كبيرة. ولم يشفع وجود تلك المكتبات قرب مراكز جامعية، فالطلاب انصرفوا عن المطالعة والبحث وصاروا بغالبيتهم يكتفون بما ينصه عليهم أساتذتهم. أما المطاعم فستجد دائماً زبائن لها.
كان ذلك بعد نهاية الحرب الأهلية اللبنانية.
لا تزال المكتبات (التي لم تقفل أبوابها) تشكو قلة زبائنها. بعض البائعين يعزون الأمر إلى الوضع الاقتصادي المتردي في لبنان، وآخرون يقولون إن السبب الحقيقي هو قلة القراء، وإن الذين يقتنون الكتب ليسوا أثرياء.
“المقاهي الثقافية” تبدو بالنسبة إلى بعض المتفائلين اختراقاً لمشهد لبناني تغيب عنه الكتب والاهتمامات الثقافية. واللافت أن الأمسيات الشعرية التي تستضيفها هذه المقاهي تجتذب مستمعين من الجيل الشاب، وهؤلاء يقولون إن هذه المقاهي ليست مجرد مكان للترفيه، بل هي حاجة وضرورة.
قد تكون مقاهي الحمراء الجديدة وجدت “الخلطة السحرية” للنجاح: كتب وموسيقى ومأكل ومشروبات ونشاطات ثقافية أخرى. قد نجدها يوماً تستضيف الحكواتي أو توسع صالاتها لعروض سينمائية تقدم منها خلالها أفلام السينما المستقلة.
وقد يكون نجاح هذه المقاهي “محدوداً”، فلا تجذب إلاّ عدداً معيناً من الزبائن، أولئك الذين يصرون على توسيع مداركهم والاستمتاع بالفن الجميل.