خالد صاغيّة
«صدق»... «تجرُّد»... «موضوعيّة»... و«حياد». أربع مفردات متتالية استخدمها الوزير الدكتور خالد قبّاني للإشارة إلى أنّ الرأي الدستوري الذي يدلي به غير منحاز للتيار السياسي الذي يمثّله. لكنّ إيراد هــــذه المــفردات المتشابهة، في جملة واحدة، يوحي بأنّ قبّاني يشعر، في مــــكان ما من نفسه، بأنّ رأيه كـ«خبير» قانونيّ، ليس مستقلّاً تــــمــــامـــاً. تـــوكيد الشيء هنا لا يفيد إلا عكسه.
وفي الواقع، لم يكن معاليه بحاجة إلى تكبّد عناء الإدلاء بــــمـــداخلته. فلا داعي لــــلاســــتــعانة بـ«قانونيّ البلاط»، ما دام الرئيس السنيورة، كما أكّد معاليه، لم يشعر ولا «لحظة واحدة» بأنّ الجلسة غير شرعية. و«لو تبيّن له للحظة واحدة» عكس ذلك، لما دعا إلى عقدها.
بالتأكيد، يمكن توفير قراءة للدستور شبيهة بما فعله قباني. وبالتأكيد أيضاً، يمكن للطرف المقابل أن يوفّر قراءة معاكسة تماماً، من دون أن تتحلّى بـ«صدق» أقلّ، أو «تجرّد» أقلّ، أو «موضوعيّة» أقلّ، أو «حياد» أقلّ.
فالمسألة ليست في صوابية رأي قباني أو عدم صوابيته. المسألة هي في ما بدأ الوزير قباني حديثه به. إنّها في عبارة «إلى جميع اللبنانيين» الذين توجّه إليهم. إذ ينبغي على أحدٍ ما أن يبلغ معالي الوزير أنّ استقالة الوزراء في هذا الظرف السياسي لا تعني أنّ الشيعة لم يعودوا ممثَّلين في الحكومة، بقدر ما تعني أنّ معاليه ومعالي زملائه، ببساطة، لم يعودوا وزراء «جميع اللبنانيين».