عامر ملاعب
منذ نعومة أظفاره، وبعدما ترك المدرسة باكراً، اشتهر سليم حيدر في قريته في جبل لبنان والقرى المجاورة بتبديل مهنته دورياً ولم يستقر على واحدة أكثر من عامين.
تجاوز الأربعين من العمر في هذه الأيام وقد تزوج وأنجب أربعة أولاد وهو لا يعرف الاستقرار والثبات في عمل يقيه شر العوز.
في البداية اشتغل عامل بناء برفقة مقاول مهمّ لبضع سنوات، وهجرها لأنها متعبة، ثم انتقل إلى تصليح السيارات وقد تعلمها في فترة قياسية (بضعة أشهر) واستدان مبلغاً من المال ليفتح به محلاً ما لبثت أن ارتفعت صرخة الزبائن الذين زاروه، فسارع إلى استبداله بمحل لبيع الثياب، ثم امتنع عن هذا العمل تحت ذريعة أن المحل “حبس يقيدني وأنا أحب الحرية” وانتقل إلى الزراعة حيث عمل في زراعة الخضر وتربية المواشي.
بعدها سارع سليم الى شراء بيك آب للنقليات العامة وتوزيع المياه على المنازل بدون استيفاء وضعه القانوني، فأصبح مضرب مثل في تهربه من قوى الأمن، وباتت مطارداته ذات شهرة محلية واسعة وخداعه للزبائن مادة دسمة للسهرات والتندر بين أقرانه.
وعلى قاعدة التبديل الدائم، جرب سليم حظه في السفر. ولم تكن فرص العمل في الامارات العربية المتحدة على قدر طموحه المالي، لكنها فتحت شهيته على الإكثار من الكلام عن المشاريع الضخمة التي “تحتاج الى بضعة ملايين لا أستطيع تأمينها الآن، واتصالاتي جارية لحل المعضلة”.
أخيراً استقر على مهنته الواعدة بالخيرات والملايين (التنجيم) فهي “لا تحتاج الى شهادات علمية ورأسمال كبير، وقد جاءني عدة مرات الوحي منذ زمن ولم أستغلّ ذلك، أما اليوم فإنني على تواصل دائم مع الارواح، والزبائن كثر من المحيط الى الخليج، لا بل كل أبناء الضاد، وفي المستقبل القريب سأتعلم اللغتين الفرنسية والانكليزية”.