كامل جابر
جمعت نور بلّوق ابنة الـ22 ربيعاً، ما بقي من رسوم في محترفها التشكيلي الذي تعرض للقصف والتدمير قرب بلدة زبدين الجنوبية، وأتت بها إلى المركز الثقافي الفرنسي في النبطية.
افتتحت نور محترفها قبل أربعة أعوام، عاشت فيه مع لوحاتها، ويوم عادت إليه بعد انتهاء العدوان الإسرائيلي الأخير على لبنان، وجدت بعض اللوحات مشوهة، لم تتخل عنها ولم تعمد إلى إصلاحها، أرادت أن تعرضها في النبطية كما هي، أي بتشوهاتها، وتقول: «هذه لوحاتي التي أضفى عليها العدوان ذاكرة إضافية، إنها تسجل لهذا العدو همجيته على مختلف شؤوننا الحياتية والعملية والاجتماعية والفنية. صارت لوحاتي اليوم، تحمل قيمة إبداعي وأفكاري التي حاولت إيصالها من خلال الرسم والخطوط، وتحمل أيضاً ذاكرة العدوان التي ما فتئت تشوه حياتنا».
لم تتمكن نور من حمل لوحاتها معها إلى حيث نزحت مع عائلتها، لذلك «كانت المفاجأة صاعقة، عندما شاهدت الدمار قد سحق العديد من اللوحات وأحدث ثقوباً وتشوهات في البعض الباقي. “شعرتُ بألم كبير. لذلك كنت مصرة على عرضها كما هي. لن أبكي، لقد تقدمت بطلب لعرضها في بيروت وجاءت الموافقة على إقامة معرض هنا في النبطية، حيث كان للعدوان صولات وجولات”.
لوحات نور بلّوق تتناول في معظمها المرأة: الزوجة والشريكة في حياة الرجل “إلى حدّ باتت تشبهه كثيراً، إلا في بعض التفاصيل الصغيرة. مقتنيات المرأة، أحلامها ــ التي هي أحلامي ــ شجرتي التي أجلس تحتها، المقهى الذي أرغب أن أشارك الرجل في ارتياده، الأم، والحبيبة، إنها لوحات رسمتها كي لا تبقى المرأة كما يراها الرجل فقط، بل كيف ترى هي نفسها وما حولها، كيف تعرف عفتها المتفلتة من الإثارة التي تغري الرجل، كيف تتلمس هي مفاتنها وليس كما يتحسسها الرجل. إنها مرحلة من الأنوثة الزائدة رسمتها كما هي، رسمت الأنوثة بإحساسها وعلاقاتها بالآخر”.
وكان اللافت في افتتاح المعرض، الحضور الحميم الذي التف حول الفنانة التشكيلية الجنوبية مشجعاً ومحباً ومشاركاً في قراءة الرسوم واللوحات، مستنكراً ما تعرضت له من اعتداء. تقدم الحضور رئيس بلدية النبطية الدكتور مصطفى بدر الدين وممثل النائب ياسين جابر المحامي جهاد جابر، ورئيسة ثانوية السيدة للراهبات الأنطونيات الأم لوسي عاقلة ورئيس دير مار أنطونيوس الأب الدكتور جان مغامس ومسؤولو المركز الثقافي الفرنسي، وحشد من الفاعليات الثقافية والاجتماعية.
وفي غرفة مجاورة من المركز التراثي، عرض الفنان الشاب درويش الشمعة 19 لوحة من إبداعه “تتحدث عن الإنسان وبعده الماورائي، عن الواقع والإنسان بشكل عام من خلال استعمال رموز وإشارات تدل على الحال النفسية والمناخ العام في المجتمع. تتميز الأعمال الجديدة بألوانها الصريحة والنضرة. أكثرت من استخدام المجموعات اللونية الباردة كالأزرق والأخضر وتنويع المواد، منها: الزيت والحفر على الخشب والطباعة الحريرية والحبر الصيني والغواش”.