ريتا شاهين
عند مدخل بلدة تولا الـــــــبـتـــــرونية الغنية تقف أكثر من عــــــــشــــرين مــــــنــــــحوتة زرعت على جانبي الطريق لتستقبل الزوار. هي أعمال جوزيف عساف صاحب الابتسامة الدائمة.
منحوتـاته تحـاكي أشكالاً مـخــــــتـــلـــــفـة، هي عــن المرأة والوطن والطـبيعة ومـواضيع أخرى. يروي أنه درس “مادة الفنون الجميلة”، في المدارس لأكــــــثر من أربعــــــين سنة “عملت خلالها بالمـــــنحوتــــــات الخــــــــشبية ثم انتقلت الى الحجر الذي أعـــــتبره رمزاً من رموز الخلود والجــــــمــــــــال كما شجرة “الأرز” الصامدة الخالدة، فصنعت نحو مئة قطعة، تُقرأ مضامينها ورسائلها وفقاً “لشخصية الناظر إليها وحالته النفسية ومدى تفاعله مـــع مــــــــا يحيط به من كائنات وموجودات، والثقافة التي ينتمي إليها”.
بـــــــــدأ عســـــــــــاف مسيرتــــــــــه وهو في السابعة من عــــــــمره، كان يترك مدرســــــتــــــه فــــــي الـــــــبترون ويتوجّه الى قريته تولا وجيوبه الصغيرة مليئة بالحجارة والأصداف الصغيرة الملونة من شاطئ البحر يصنع منها أشكالاً مختلفة بعد إلصاقها على الخشب “بمادة الغري”، والحـكاية أنني “أحب الخشب لأنني أعتبره مادة “رائعة” وطيّعة لكنه يتلف بعد سنوات ويصاب بالتسوس، لذلك تحولت الى الصخر فهو أكثر صلابة ويلبّي تطلعاتي مع الحفاظ على التجديد والتطور بعيداً من التقليد والابتذال”.
ويكـــــــــشـــــف عــــــســـــاف ان الأعمــــال لا تأتي دائمـــــــاً مطابقــــــــة للـــــفــــــكرة فــــــــيعدّل الفنان فيها أحياناً، وأحــــــــياناً أخرى يستطرد ليطــــــــــور الـــــــــفـــــــــكرة الجديدة التي ولدت لاحقاً.
مسيرة عساف الفـنية طويـــــــــلــــــــة، وهو يردد أن “الفن رسالة ودعوة قبل كل شيء” وعشقــــــه له كبير جداً، لكن جوزف عساف مـثله مثل كثيرين لم يأخذ حــــــــقـــــه من الناحية المادية، فبعدما شارك منذ سنوات طويلة في معارض عديدة في لبنان نجحت في غالبيتها، يئس في السنوات العشر الأخيرة لأنه عاجز عن تنظيم أي معرض جديد ويقول: “الفن مهمل، والوضع الاقتصادي المتردي يحول دون تمكن أبناء الطبقة الوسطى من شراء أي قطعة، والدولة لا تتبنى الأعمال الفنية لتعرضها في المزادات الفنية الكبرى أو المتاحف الوطنية على رغم اعتراف العديد من الفنانين الكبار والناقدين بأهميتها وقيمتها الفنية، إضافة الى سيطرة المافيا الفنية على زمام الأمور”.