داني الأمين
مزيج من البيوت الفخمة والقصور الحديثة باتت تنتشر على التلال المحيطة ببلدة خربة سلم في قضاء بنت جبيل، لكن اللافت بينها بناء حجري ضخم هو قصر أشبه بمعالم القلاع القديمة يُعرف بـ“قلعة موسى”.
القصر نتاج مجهود فردي لا ينفكّ صاحبه يوسف ياسين شعبان “أبو موسى” يتغنّى به ويردد أمام الزوار :“إنه بالطبع يفوق حجماً وارتفاعاً وجمالاً بعض القصور التي دخلت موسوعة السياحة اللبنانية. إنه قلعة موسى الجنوبية، وهو تجسيد لمشروع أحلم به منذ الطفولة”. شعبان في العقد الرابع من العمر، يقول إنه ينتمي الى “اسرة تعشق الفنّ، خصوصاً الرسم والنحت، فوالدي كان يشتهر بإتقانه احد اشكال النحت المتعلقة ببيوت الوجهاء وعلية القوم”. اما شقيقه الراحل بهيج شعبان، فهو النقيب السابق لخطاطي الصحف.
ويضيف “أبو موسى”: “هدفي عمل مميز في بلدتي خربة سلم خصوصاً، وفي الجنوب الذي يفتقر الى معالم تحفظ تراث وسيرة رجالات هذه المنطقة”. ويؤكد نيته اقامة متحف “يشمل مختلف مراحل وحقبات تاريخ الجنوب اللبناني التي لا يعرفها أبناء الجيل الجديد، امثال العالم رمّال رمّال او المرجع السيد محسن الأمين وغيرهما”. وفي هذا السياق سيكون للمقاومة جناح خاص في المتحف يضمّ مجسمات ولوحات تروي تاريخ العمل المقاوم. ويسعى شعبان إلى انجاز مطعم تراثي ونزل صغير بجناح خاص للعائلات الآتية إلى المنطقة من أماكن بعيدة”.
بدأ شعبان بناء القصر صيف عام 1993، وكانت بلدة خربة سلم لا تزال هدفاً يومياً للاعتداءات المدفعية الاسرائيلية والطائرات الحربية، وهو ما أخّر عملية البناء وخصوصاً أن عدداً من القذائف سقط داخل حرم القصر الذي تضرّر بوضوح. وظل ابو موسى يعمل بإصرار وتصميم، مما حدا المقربين منه، وقوات الطوارئ الدولية ــ التي يعمل لديها موظفاً ــ على نعته بـ“السوبر مجنون”. والذي يميز القصر أيضاً، أن المواد المستخدمة في بنائه من تصنيع شعبان وتركيبه. فالغلاف الخارجي الذي يغطي كامل المبنى، على سبيل المثال، هو عبارة عن مزيج “خلطة” من ابتكار شعبان، وهي مادة تتمتع بمواصفات تضاهي الاسمنت. وقال: “زجاج النوافذ هو من تصنيعي. الى جانب عمليات الزخرفة والتلوين التي سيخضع لها ذلك الزجاج”. في الجناح المخصص للمتحف، تنتشر عشرات المنحوتات الصخرية، وتمثّل وجوهاً لشخصيات لبنانية وعربية وعالمية، قديمة ومعاصرة، من سياسيين وفنانين وأدباء، وتمثال حجري ملون لفلاّح لبناني بالحجم الطبيعي.
تبلغ مساحة ارض المشروع نحو خمسة آلاف متر مربع، فيما تبلغ مساحة المبنى نحو 250 متراً، لكل طبقة من طبقاته الخمس. وللقلعة مدخلان كبيران أطلق يوسف شعبان اسم والديه على احدهما واسم شقيقته على الآخر، الى جانب تسعة ابراج ضخمة يحمل كل منها اسم احد اشقائه التسعة.
وعما يشاع عن تأثره بقصر موسى المعماري في بيت الدين يقول شعبان: “لم اتأثر به، وهذا واضح في نمط البناء المختلف الذي سرت عليه، فالخبير في هذا المضمار بإمكانه ان يلاحظ الفرق الكبير بين القلعتين”.
رغم ان مشروع القصر ــ القلعة لم ينجز بعد، فإن المكان اصبح مقصداً للعديد من الشخصيات والدبلوماسيين والسياح العرب والأجانب.