عبادة كسر
الموقدة صارت في بعلبك من أعلام القرن الواحد والعشرين، هذا ما تؤكده النسوة في المدينة. فمع انتهاء أيلول أو “شهر المونة” لم تنته مهمة الموقدة التي أثبتت أنها الأنسب حين تشتد الأزمة الاقتصادية. فهي لا تحتاج إلى مازوت ولا إلى كهرباء، بل تعمل على الحطب الذي لا يعد مكلفاً ويمكن الاعتماد على أغصان الشجر اليابس.
غابت الموقدة لسنوات طويلة بل كادت، لكنها خرجت أخيراً هذا العام من مخابئها لتستيعن بها سيدات بعلبك في تحضير المونة، وصرن يتلذذن في توصيف فوائدها ومميزاتها، ويقُلن رائحة الحطب الجميلة تزيد من “حلاوة مربّى التين”.
تؤكد بعض النسوة “إن كل 30 كلغ من التين يحتاج إلى مدة 12 ساعة على الغاز، أي يستلزم كل دست قارورة غاز (17 ألف ليرة) وهذا مكلف جداً، وخاصة أننا سوف نسلق القمح والباذنجان، وكله يتطلب ناراً، بينما تستغرق العملية عـــلى الحطب 7 ساعات”.
“الحاجة هي أم الاختراع”، لذلك استخدم بعض الفقراء روث الحيوانات اللبونة وخاصة البقر، إذ يحوّله إلى دوائر مسطحة ويجفّفه تحت أشعة الشمس، فيصير مادة تلتهمها النيران لتستعر في الموقدة.
يزداد الوضع المعيشي سوءاً في البقاع وبدأ الأهالي يشتكون من ارتفاع أسعار المواد الغذائية ومواد التدفئة، لذلك لن تعود الموقدة إلى ملاجئها، فمع اقتراب فصل الشتاء قد تكون الآلة التي ستستخدم للتدفئة بدل آلات التدفئة على المازوت أو الكهرباء.