بهية العينين
كأنّ لعنة الحرب أرخت بثقلها على “أبو سلامون” صاحب الشهرة الكبيرة في مخيم الرشيدية وبعض المناطق القريبة من مدينة صور.
اسمه كمال سلامون (55 عاماً)، من المخيم، يزاول منذ اكثر من ثلاثين عاماً مهنة جمع الخردة من أماكن تجمع النفايات المنزلية المحيطة بعدد من القرى والبلدات الجنوبية. خلال العدوان الاسرائيلي الاخير وبعده، انحسر نشاطه، وتراجع دخله، فقد كثر منافسوه، ويقول في هذا الإطار “التجار الجدد الذين نبتوا على هامش الحرب مزعجون، وقد ألّفوا فريق عمل مشتركاً، يستخدمون شاحنات كبيرة للملمة الخردة من أكوام الدمار التي خلفتها الصواريخ والقذائف الاسرائلية”.
يؤكد “ابو سلامون” أنه بدأ يعمل في مهنة جمع الخردة بعدما فقد قدميه في الاجتياح الاسرائيلي للبنان عام 1982. وهو رب أسرة وله اربعة أولاد، استشهدت والدتهم خلال الاجتياح. ويشير إلى أن مدخوله اليومي لا يكفي عائلته، “بسبب المنافسة الكبيرة التي لا أملك قدرة على احتمالها، من التجار الجدد. كان مدخولي في ايام السلم عشرة آلاف ليرة لبنانية يومياً، وهو مبلغ لا يكفي لإعداد وجبة غداء واحدة مع عائلتي”.
يتنقّل الرجل الخمسيني على متن “الطنبر”، وهو عربة يجرها حمار، “لا تحتاج إلى صيانة او بنزين او مازوت، ومن حسن حظي أنني املك هذا الطنبر الذي أعدّه سلاحي الوحيد في مواجهة غول الجوع والفقر”. يعشق أبو سلامون طنبره، ويلفت الى أن بضاعته “اليوم، بعد الحرب تختلف عن بضائع ما قبل الحرب، فما أحصل عليه يومياً هو من مخلّفات العدوان، أي قطع من الشظايا والقذائف وصواعق الصواريخ، وبعض الخردة النحاسية والالمينيوم وبقايا المعادن من الابواب والنوافذ وأدوات المطبخ التي حطمتها الصواريخ الاسرائيلية وجعلتها خردة”.