خالد صاغيّة
1500 ليرة. أجرة سرفيس واحد كانت كافية لتقلّ الفتى حسن سويد من الرمل العالي إلى «الصيفي فيلادج». 1500 ليرة كانت كافية ليختار حسن الشقّة التي يحلم بها. وإذا كانت مجمّعات «الصيفي» لا تستهويه، كان يمكنه أن يتمشّى إلى محيط البرلمان حيث الشقق وفيرة وحديثة وفارغة. «بالأمليّة»، كان يمكن حسن أن يفتح باب الشقّة التي يفتح لها قلبه، وينتقل للسكن فيها.
لكنّ حسن لم يفعل ذلك. فضّل البقاء في الرمل العالي، على هامش المدينة التي يُقال إنّها تفتح ذراعيها للجميع. الصدفة وحدها شاءت ألا يكون حسن بين أولئك «الجميع». الصدفة وحدها جعلته يجد نفسه في مواجهة بزّات رسميّة، جاءت تزيل منزله من الوجود. الصدفة وحدها جعلت ذاك الإصبع يضغط على الزناد.
مات حسن. لا حاجة إلى تقديم الاعتذار. فالفتى وأهله وجيرانه هم المخطئون. تعدّوا على أملاك الغير. قاموا بمخالفات. اشتبكوا مع القوى الأمنيّة. وكلّ ذلك لعزل أنفسهم داخل تجمّعات سكنيّة فقيرة. ألا يعلمون أنّهم في بلاد يستطيعون فيها أن يتعدّوا على أملاك الغير من دون خرق القانون؟ وأن يقوموا بمخالفات من دون أن يخالفوا؟ ألم يسمعوا بوسط مدينة أُعيد إعماره كلّه هكذا؟
قُتل حسن. لكن، ثمّة من لم يكفّ عن ملاحقته بعد. ثمّة من يريد أن يطالبه باعتذار، وأن يحاسبه على انحرافه عن صراط القانون المستقيم.
ربّما... كان عليك أن تستقلّ ذاك السرفيس يا حسن.