حوراء حوماني
ينظر إلى وجه الراكب في المرآة محدّقاً. يأخذ وقتاً قبل اتخاذ قراره، هل يكشف له عن موهبته التي يمارسها أثناء قيادة سيارة التاكسي في شوارع بيروت، ويقرأ له الكف؟
في بيروت سائق تاكسي يختار زبائنه وفق مزاجه، فإذا استنتج من تجربته في “علم الفراسة” أنك شخص “قلبه أبيض وطيب”، يصارحك بأنه يقرأ الكف وسيفعل ذلك لك من دون مقابل. ويعترف لك بأنه العم عمر أ. سائق التاكسي الذي يجيد التركيز على كف الراكب والقيادة معاً على رغم ما يعانيه من صمم في أذنه اليمنى.
يطلب العم عمر من الراكب الذي يختاره ان يترجل من المقاعد الخلفية للسيارة ويجلس الى جانبه بعدما يوقف السيارة الى اليمين من دون الاكتراث للراكبين الآخرين الذين سرعان ما تشرئب رؤوسهم لسماع ما سيقوله العم عمر.
عبير هي إحدى زبونات العم عمر “المجّانيين”. ترجّلت وجلست في المقعد الامامي لأنها تحب المغامرة وترغب في أن تسمع شيئاً عن مستقبلها على رغم انها لا تصدق عادة من يدّعي المعرفة بالأمور الغيبية والقدرات الخاصة للأفراد.
وضع العجوز كفّه التي ترتجف فوق كف عبير متمتماً بعض الكلمات التي توقعت هي أنها “جمل تعويذية”. وحين أفلت يده للمرة الأولى، أطلق عليها عدداً من الصفات التي تنطبق فعلاً على شخصيتها فهزّت برأسها موافقة.
في المرة الثانية، صارحته بأنها ليست عصبية كما وصف وانها تنام كثيراً ولا تشعر بالأرق كما ذكر. فقال مستطرداً: “ستشعرين به من الآن وصاعداً”. ضحكت عبير لكلامه ولكنها انتظرت المزيد. أرادت ان تستغل قدرته إن “وجدت فعلاً”. لكنها وصلت الى شارع الحمرا وكان عليها أن تلتزم موعداً حدّده لها مدير عمل. ترجلت هي وظل الركاب الآخرون يتبادلون النظرات مع العم عمر في مرآة السائق علّه يختار أيّاً منهم ويطلب منه الترجل ليسرد على مسمعه صفات يتحارجان لاحقاً في مدى صحتها أو عدمها.