سيرين قوبا
“ع البال” كافيتيريا في قلب دمشق القديمة، أقامها عادل ابراهيم تحية حب وتكريم خاصة للمطربة فيروز.
في حارة “باب توما” في وسط المدينة العريقة، اختار ابراهيم مكاناً مهملاً، بعضه مهدّم، كان قبل خمسين عاماً اسطبلاً للخيول.
“تحويل المكان تطلّب ورشة عمل كبيرة اســـــتــــمرت أربعة أشهر، شارك فيها معماريون ومصممو ديكور وفنانون تشكيليون حــــاولوا قدر الإمكان المحافظة على ملامح الطراز الدمشقي كالقناطر والأحجار، ورمّموا المكان بالطين المقوّى بالإسمنت خوفاً من الحـــــريق أو الزوال”. وبـــدأ العمل بتصميم ديكور قديم جداً يتفاعل مع أفكار راودت ابراهيم طفلاً حين كان يقف أمام الغاز وهو يحضّر قهوته ويسمع صوت فيروز فيشرد بتصوّراته، ويحلم بعمل وبتصميم ديكور يتآلف فيه “خلود الزمن الدمشقي وخلود الفن بصوت فيروز، فأعدنا المكان إلى ما كان منذ مئة سنة، وصارت الكافيتيريا تشبه تلك الغرفة المنسية بسلالمها الخشبية وسلاسلها الحديدية التي تحضن الشتول و“العربيشات” المزنّرة حول جدران طينية تخبّئ أضواء خافتة، وحضرت بالطبع المدفأة القديمة التي يزيد عمرها عن مئة عام، وفي الكافيتيريا خوابي العرق والنبيذ وبعض من القطع الحديدية القديمة كان قد عثر عليها أثناء الترميم كالمقص والملعقة وتحف أخرى”، كلها أشياء تتآلف تحت سقف الكافيتيريا الذي يرتفع نحو سبعة أمتار.
في هذه الكافيتيريا يستطيع الزبون أن يخدم نفسه بنفسه، فيحضّر قهوته بنفسه، وبإمكانه أن يجلب حطباً معه للمدفأة وأن يشوي عليها ما يطيب له من البلّوط أو الكستناء، ومن يجلس في الزاوية الكبيرة ينعم بالاستماع إلى الأشرطة الموضوعة في خزانة كبيرة إلى جانب صور وأسطوانات لفيروز .
تجدر الإشارة إلى أن تجارة البيوت القديمة بدأت تنتعش، وترتفع أسعار المحلات في حارات دمشق القديمة وتزداد المطاعم التي يقصدها عدد متزايد من الزوار المحليين والسياح الأجانب الذين يعشقون كل الأماكن في دمشق القديمة.
وكافيتيريا “ع البال” صارت تتمتع بشهرة لا بأس بها، يقصدها بعضهم للاستراحة، وآخرون بدافع الحشرية للتعرف إلى ديكورها المميز، بينما يأتي إليها آخرون ليشاركوا في إهداء تحية إلى المطربة اللبنانية الأغلى على قلوبهم. لكن ثمة زواراً دائمين، باتوا يعتبرون “ع البال” بيتهم الثاني.