خالد صاغيّة
في الاجتماعات العائليّة السعيدة، يعمد بعض الأطفال إلى ارتداء ثياب «الكبار». تأتي «مبهبطة» عليهم. لكنّهم يصرّون، رغم ذلك، على ارتدائها. ومنهم من يضع رجلاً فوق رجل، وقد يتظاهر بالتدخين أيضاً. يشعرهم ذلك بأنّهم أصبحوا جاهزين للقبول بهم في المجتمع، جاهزين للاشتراك في الحديث مع من هم أكبر في السنّ.
في القدّاس القوّاتي أمس، ثمّة من قرّر محاكاة هؤلاء الأطفال. فبدا، تماشياً مع نزعة مازوشيّة مسيحية، كمن يظلم نفسه بعدما ظلمه الآخرون، يوم وُضع في السجن فيما كان زملاؤه من مجرمي الحرب يتمتّعون بخيرات السلطة وجاهها. ظلم نفسه حين قبل بدور يفوق قدراته الشخصية، ويفوق صفاته القيادية، ويفوق قوّته الشعبية.
كان يمكن لسمير جعجع أن يكون واحداً من سياسيين مسيحيين عديدين يقومون بدور «على قياسهم» ويطرحون فعلاً وجهات نظر لها متّسع من المكان في النقاش السياسي. لكنّ تنطّحه لأداء دور «الزعيم المسيحي»، وتشجيع حلفائه له للقيام بهذا الدور نكاية بمن حصد أصوات المسيحيين في الانتخابات، جعل من سمير جعجع ضحية مرّة أخرى.
سبقت القدّاس القواتيّ «همروجة» كبيرة ومحاولات ظالمة للمقارنة بينه وبين مهرجان الانتصار في الضاحية. وثمّة من أسكرته فكرة الردّ على السيّد حسن نصر الله من حريصا. دخل «الحكيم» في اللعبة في خطوة غير حكيمة. وما صياغة خطابه إلا تأكيد على إرادته الواعية للدخول في هذه اللعبة التي سرعان ما تكشّفت عن جسم هزيل... وثياب «مبهبطة».