عامر ملاعب
يمضي شهر أيلول هذا العام بدون أن تحتفل به قرى جبل لبنان. و“شهر الميم” كما يسميه الأهالي لم يشهد هذا العام مهرجانات قروية ولا حفلات زجل، كان فقط موعداً لإعداد مؤونة الشتاء، شمرت النسوة عن سواعدهن، لينخرطن في عمل هو تقليد لبناني عمره مئات السنين، فالكثيرات منهن يرين أن المعلّبات سمّ قاتل. شهر الاحتفال مر دون احتفالات، فيما صنعت خلاله كل أنواع الفواكه المجففة، وهي ذخيرة الشتاء وبرده القارس، الى جانب الوجبات الأساسية المؤلفة من الحبوب و“القاورما”، دون أن ننسى بالطبع صناعة الكشك، الركن الأساس للمونة.
المؤونة الثانية والأساسية بالنسبة إلى أهالي الجبل هي تأمين المحروقات وفي الأغلب الأعم مادة المازوت. وما زال بعضهم يستخدم الحطب المقطوع من الغابات، وفي السنوات الأخيرة كثر استخدام حطب أشجار الليمون المقطعة من بساتين منطقة الجنوب، وتُقطع الأشجار بقصد استبدالها بغرسات جدد. وتراوحت أسعار الحطب هذا العام بحسب أحد بائعي الحطب بين 100و160 دولاراً أميركياً للطن الواحد (الأسعار تتفاوت بين حطب الصنوبر والملول صعوداً الى السنديان وهو الأغلى) ويحتاج كل منزل الى ما يزيد على ثلاثة أطنان كل عام.
أما الاستحقاق الثالث والمهم فهو الاستعداد لبداية العام الدراسي وما يحمله من تبعات ومطالب ملحة، وهنا تتفاوت الأسعار بين مدرسة وأخرى، وحتى الرسمية منها تحتاج الى الكثير من الكتب والألبسة ووسائل النقل والقرطاسية وغيرها.
أيلول أو “شهر الميم” (تيمناً بالأحرف الأولى من: مدارس، مؤونة ومحروقات) أرخى بثقل تكاليفه ولم يكن شهر الفرح كما جرت العادة، مر سريعاً وها هو يودع أهالي الجبل بصمت مبشراً بشتاء قد يكون قاسياً، ومع نهايته ثمة هاجس لا يزال يسيطر على الأذهان: هل من مفاجآت سيئة سيبوح بها في أيامه الأخيرة؟