عبادة كسر
قبل ستين عاماً قرر حسين درغام امتهان صناعة الخبز في “تنور” بدائي تمركز في السوق القديمة في بعلبك.
درغام الذي نجح في تنفيذ مشروعه كان شديد الحرص على اصطحاب ابنه فؤاد معه إلى التنور ليورثه “ثروته” التقليدية كيلا تذهب لآخر وتندثر.
رحل مؤسس التنور حسين درغام قبل سنوات، لكن ابنه نفّذ الوصية وورث مهنة والده، ويقول فؤاد: “بعد وفاة والدي أدخلت بعض التحسينات على الديكور ليتماشى هذا الفرن ــ التنور مع متطلبات العصر، خاصة أن التنور صغير، فأضفت إليه فرناً حجرياً، ونحن نصنع ومن العجين والخبز، سواء في الفرن او في التنور، ونقدّم، إضافة الى الخبز المرقوق، مناقيش الزعتر والجبنة وجميع أنواع الفطائر والصفيحة البعلبكية...”.
لا يريد فؤاد اليوم أن “يورث” ابنه الوحيد هذه الصنعة بل يحلم بيوم يراه حاملاً شهادته الجامعية، ويوضح: “المهنة التي أمارسها متعبه جداً، ولا نجني منها ربحاً وافراً، فالمواد الاولية التي نستخدمها ترتفع أسعارها، ومنها الطحين والمازوت والجبنة”.
تكبّد فؤاد خسائر فادحة خلال العدوان الاسرائيلي الأخير على لبنان، لكنه لم يستطع إقفال “التنور” وترك “زبائنه” من دون “الخبز المرقوق”، فزبائنه ليسوا فقط من بعلبك، بل هناك العشرات من زوار المدينة الدائمين يقصدون “تنوره” لشراء الخبز النظيف و“الصحي”، لذلك رمّم فؤاد “الفرن” وأصلح الزجاج والأبواب بتكلفة تجاوزت ثلاثة آلاف دولار على نفقته الخاصة “كيلا يُقال إن الاسرائيليين أقفلوا التنور”! .