خالد صاغية
إذا أرادت «الدولة» أن تتدخّل في الاقتصاد، يقال لها: «مش شغلتِكْ».
يدعونها لبيع كلّ ما تملك، ولرفع قيودها كافّة عن حركة البيع والشراء. ثمّ يمنعونها من استخدام أي نظام ضريبي يعيد إنصاف من قذفت بهم السوق إلى خارج الحياة.
وإذا أرادت «الدولة» أن تسلّح جيشها وقواها الأمنية، يقال لها: «مش شغلتِك».
يحذّرونها من ارتفاع الميزانية العسكرية. ويقولون إنّ العجز في الموازنة العامّة لا يسمح بتقوية الجيش، ناهيك عن الخوف من تدخّل العسكر في السياسة الذي ما من وسيلة لمنعه، كما يقال، إلا عبر إبقاء الجيش ضعيفاً.
وإذا أرادت «الدولة» أن توحّد قوانين الأحوال الشخصية، يقال لها: «مش شغلتِك».
وتطالَب برفع يدها عن كلّ ما يمسّ بما يسمّى حقوق الطوائف. فعلى جميع المواطنين أن يتزوّجوا، ويلدوا، ويطلّقوا، ويرثوا، وفقاً لما تمليه عليهم قوانين الطائفة.
وإذا أرادت «الدولة» أن تشارك في الإعمار، يقال لها: «مش شغلتِك».
فعلى الدولة أن يقتصر دورها على مصادرة الأملاك. وكلّ ما يلي ذلك هو من اختصاص شركة خاصة لا يُسمَح بفرض ضريبة عليها.
وإذا أرادت «الدولة» أن توظّف مواطناً ليسيّر أمورها، يقال لها: «مش شغلتِك».
فعليها أن تأخذ بعين الاعتبار رغبات البيك والزعيم والشيخ والأبونا والدول القريبة والبعيدة.
كلّ ذلك ممتاز. ولا اعتراض عليه. لكن، ما دام الوضع كذلك، هل يمكن أن تكفّوا عن اجترار مقولة «بناء الدولة»؟