خالد صاغية
البقعة النفطية راكدة في قاع البحر. البقعة تهدّد بخنق الحياة في قاع البحر. «المشهد مريع»، بحسب نقيب الغوّاصين.
عشرة آلاف طنّ. خمسة عشر ألف طنّ. هذا هو حجم التسرّبات، وفقاً للخبراء. لكنّنا نعرف، مع احترامنا لرأي الخبراء، أنّ هذا الحجم ليس حقيقياً.
آلاف الأطنان، عشرات آلاف الأطنان، ليست تكفي كي تزن هذا الثقل القابض على الهواء. ليست تكفي كي تزن هذا الثقل الذي يئنّ تحت وطأته أفراد عاديّون، يسيرون فوق اليابسة، ولا يحملون أيّة علامات فارقة. لا تكفي كي تزن هذا الوجوم العارم الذي نصادفه على وجوه العابرين.
مع الاحترام الكامل لجهود المنظّمات البيئية، ولما يتكبّده الغوّاصون من معاناة، لا بدّ من القول إنّ كثيراً من هذا الجهد لا ضرورة له. إذ بخلاف ما يظنّ البيئيّون، البقعة السوداء ليست في قاع البحر. إنّها فوق اليابسة.
وبخلاف اعتقادهم أيضاً، لا تُخنَق الحياة في قاع البحر. الحياة تُخنَق هنا في الشوارع والأماكن العامّة. لا يتطلّب الأمر توغّلاً في خصوصيات البشر، ولا الانتقال إلى داخل الجدران الحميمة. وبالتأكيد، لا يتطلّب الأمر غطساً ولا استكشافاً لعالم البحار. البقعة السوداء راكدة هنا. البقعة السوداء تهدّد بخنق الحياة هنا، على السطح. «المشهد مريع». بإمكاننا أن نراه مباشرة، بالعين المجرّدة.
لن تُحاصَر البقعة السوداء، كما يتمنّى أنصار البيئة. البقعة آخذة في التمدّد. سيغرق في أوحالها كثيرون، وقد لا ينجو أحد.