خالد صاغيّةلا أعرف لمَ يبكي الأطفال عادة في أعياد ميلادهم. الأرجح أنّ جهاز الطفل العصبيّ لا يحتمل الإثارة التي تنتجها احتفالات كهذه.
لا أعرف أيضاً كيف يتصرّف الأهل عادة عندما يبكي الأطفال في أعياد ميلادهم. الأرجح أنّهم يحاولون استرضاءهم، ثمّ يعجزون عن ذلك، فيرسلونهم إلى النوم.
ثمّة نوع من الأطفال ثقيلي الظلّ حقاً. يبكون... ثمّ يرفضون الانصراف إلى النوم. يبدون فجأة وكأنّهم يرغبون في إنهاء الحفل تماماً. يرغبون في إنهائه بالصراخ والبكاء. كأنّهم يعلنون، وسط حشد المدعوّين، أنّهم ما زالوا هم مركز الانتباه، وأنّ عشرة أو حتّى مئة مدعوّ ينبغي ألا يبدّلوا شيئاً في هذه المعادلة.
المشهد العام، في لبنان والعالم العربيّ، مليء بهذا النوع الأخير من الأطفال. كلفة الحفل كانت عالية جداً. وعندما دُعينا إليه، ثمّة من قرّر إعلان الهزيمة. إعلان الهزيمة التي لم تقع، بعد سلسلة من الهزائم التي وقعت فعلاً على مرّ العقود الماضية.
إنّه نوع من التفوّق على الذات. تفوّق يعيد إنتاج الوقائع السابقة. فحينما كانت الهزائم تُحوَّل إلى انتصارات وهميّة، كان ذلك يحدث خدمةً لمن هم في السلطة. واليوم، حينما يراد لنا التسليم بهزيمة وهميّة، فإنّ ذلك يحدث أيضاً خدمةً لمن هم في السلطة.
السلطة هي السلطة. الأطفال ثقيلو الظلّ هم الأطفال ثقيلو الظلّ. باعوا النصر يوماً، وها هم يبيعون الهزيمة. آن لهم أن ينصرفوا إلى النوم.