توجّه عادة الدعوات لحضور الفعاليات والمهرجانات المصرية إلى أقاصي الأرض، ويحضر الضيوف بشكل طبيعي، لكن عندما يتعلق الأمر بالشعب السوري المكلوم، والمحاصر داخل بلاده، عندها فقط تتوجس الجهات الأمنية في البلد المضيف، وتوضع العصي في الدواليب.منذ عهد الرئيس الأخواني المخلوع محمد مرسي، تعاملت المحروسة على أنّها «جنة الله الموعودة» بالنسبة إلى أي سوري، ففرضت تأشيرة دخول تتخللها تعقيدات جمة، ربما تفوق تعقيدات الحصول على تأشيرة دخول إلى الدول الاسكندنافية وكندا! سبق أن وجهت دعوات عدة لكتّاب وإعلاميين وفنانين سوريين إلى مهرجانات مصرية، ولم يتمكّن هؤلاء من الذهاب، بسبب رفض إعطائهم التأشيرة. كأنّ «أرض الكنانة» تتحول إلى صاحبة دعوة سرعان ما تغلق بابها لدى وصول ضيوفها، بحجة عدم قدرتها على استقبالهم، ولا ندري لماذا تستمر بعض المهرجانات المصرية في توجيه تلك الدعوات أصلاً؟!
كان مقرراً أن تحيي أمسية في دار الأوبرا

أخيراً، دعا «مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية الـ 25» في القاهرة حوالى 83 فناناً من بينهم 66 مطرباً ومطربة و17 عازفاً، إلى جانب 31 فرقة موسيقية من ثماني دول ليحيوا 37 أمسية موسيقية، على أن تحتفل الفعالية الفنية هذا العام بيوبيلها الفضي. ومن بين المدعوين كانت المغنية السورية بادية حسن التي كان يفترض أن تحيي أمسيتها الموسيقية ليلة الحادي عشر من الشهر الحالي، لكن بوصلة المنع توقفت عند المغنية السورية هذه المرّة، واختارتها لتحاصرها بإجراءات إقصائية قد تتخذ في مرات مشابهة منحى عنصرياً عندما يتعلق الأمر بالفنان السوري.
تشرح حسن في رسالتها إلى «الأخبار»: «وجِّهت لي دعوة يوم الجمعة مع بطاقة الطائرة ذهاباً وإياباً من مطار بيروت، وقد علمت منهم أنّ هناك مشكلة في الموافقة الأمنية للفنانين والموسيقيين السوريين القادمين من سوريا، إذ أن عدداً من المدعوين من الشام رفضت موافقتهم. ومع ذلك، فقد أخبرتني إدارة المهرجان بأن مساعيها كبيرة للحصول على موافقتي، رغم أنها في غاية الصعوبة، خلافاً لإجراءات الفنانين السوريين الذين لديهم جواز سفر آخر، أو إقامة في دولة ثانية، وحصلوا على الموافقة بسهولة». تضيف حسن أنّها توجهت صباح يوم الثلاثاء 8 تشرين الثاني (نوفمبر) وفقاً لموعد إقلاع الطائرة «بعد إبلاغي من إدارة المهرجان بأن موافقتي قد صدرت. لكنني فوجئت لحظة الختم، برفض الموظف تسيير سفري، بحجّة أنه لا موافقة باسمي. لذا، عدت إلى التواصل مع دار الأوبرا، فأكدوا حصولي على الموافقة. وهنا طلبت من موظف مطار بيروت الاتصال بالقاهرة. وهذا ما حصل، وتأكد بأنه ليس هناك موافقة باسمي، وبعد أخذ ورد ومماطلة وانتظار، أخبرت إدارة المهرجان بأني عائدة الى بلدي وهذا ما فعلته» لم تنته القصة. هنا توضح حسن أنّه «في مساء اليوم التالي، وبعد مرور حوالى 40 ساعة على موعد إقلاع الطائرة المفترض، أخبرني موظف دار الأوبرا المصرية بأن الموافقة صدرت الآن، أي أنني كنت سأقضي 40 ساعة في مطار القاهرة لو أني فعلاً سافرت إلى هناك، وقد طلبت الأوبرا مني تغيير الحجز والعودة، لكنني اعتذرت عن عدم الحضور، وكان جوابي بأنّ كرامة بلدي وكرامتي أولاً، وأنني أتشرّف بجوازي السوري مهما كانت الظروف».