منذ عام 2012، و«البيت الدولي للكتّاب في بيروت»، يرمي شباكه بين الشرق والغرب، على قاعدة جمع أهل الأدب والإبداع، لمحاولة الإجابة على إشكاليات راهنة، بغية دفع الجمهور اللبناني للإهتمام بالأدب المحلي والعالمي، وتوفير فرصة للكتّاب اللبنانيين بالتلاقح مع أقرانهم الآتين من الغرب.
النسخة الخامسة من هذه الفعالية السنوية، لن تشبه ما سارت عليه سابقاً، من استضافة مجموعة كتّاب لبنانيين وأجانب، وطرح مواضيع وقضايا بغية تفكيكها وقراءتها بشكل تحليلي، كما حصل العام الماضي، مع هيمنة قضايا الهجرة والصراعات والحروب والعنف. النسخة التي تنطلق اليوم، سترخي بثقلها على مناح أخرى، وتستفيد من إقامة كريستوف دابيتش (1968) في بيروت، ليكون محور هذه النسخة. سيتحدث الكاتب الفرنسي عن تيمة «الحدود غير المرئية»، التي تفصل العالم، ثقافياً وسياسياً وإجتماعياً، وسينشر نصه في إحدى الدوريات الفرنسية الى جانب مجموعة رسوم غرافيكية، ليصبح في نهاية الأمر أشبه بالريبورتاج الصحافي.

أولى جلسات فعالية «بيت الكتّاب»، ستقام في مقهى «المعهد الفرنسي في بيروت» (18:30)، بالتعاون مع جمعية «كتابات». لقاء يجمع دابيتش والكاتبة الصربية صونيا رستيك (1972)، وتدير الجلسة نائبة رئيس «بيت الكتّاب» نادين شحادة. الجامع بين الكاتبين أصلهما الصربي، وهذا اللقاء سيتشعب الى محاور وتيمات متعددة، لعلّ أبرزها ما اشتغلت عليه رستيك، التي انتقلت في عام 1991 للعيش في باريس. ففي كتابها «هوليدي إن... ليالي الركود» الذي صدر العام الماضي، جمعت فندقين، واحداً في بيروت، وآخر في سراييفو يحملان الإسم عينه «هوليداي إن». الأول إشتهر في فترة الحرب الأهلية بما سميّ «حرب الفنادق»، والآخر طبعاً كان يقبع في بلاد عرفت الحرب والتهجير. هكذا، أعادت الممثلة الكوميدية والكاتبة الصربية جمع هذين المعلمين. وفي هذه الجلسة أيضاً، سيتناول كريستوف دابيتش تيماته الأثيرة من الهويات الفردية، والهجرة، والحرب، والمرأة، والأسئلة التي تخرج عن إفرازات كل هذه الظواهر، من ضمنها: «من أين يأتي الشرّ؟»، مع تسليط الضوء على أشخاص عاشوا جغرافياً على مقربة من بعضهم، لكنهم ظلوا منفصلين. يبحث دابيتش هنا في الجسور التي تعيد ربط هؤلاء وإيجاد صلة الوصل بينهم.
يوم الإثنين المقبل، سيحضر الروائي الفرنسي فرنسوا بون، الذي حلّ العام الماضي على هذه الفعالية. وستتخلل اللقاء جولة حول مؤّلفه Une Vie de Gérard en Occident. وفي اليومين الأخيرين (20 و21 مايو) يتعاون «بيت الكتّاب» مع Save Beirut Heritage ضمن إطار فعالية Watch Days (من 19 الى 21 ايار/مايو) التي تتيح التعرّف الى النقاط والمناطق التراثية في بيروت، ورفع الوعي حول ضرورة المحافظة عليها. هكذا، يعرّج الكاتب اللبناني فادي الطفيلي، بمشاركة الممثل منذر بعلبكي، على المنطقة التي ترعرع فيها: زقاق البلاط، حيث سيقرأ مقاطع مستوحاة من كتابه «إقتفاء الأثر» (أشكال ألوان-2014). في هذا الكتاب، رسم الطفيلي مساراً هندسياً للأمكنة، مضيئاً على التغيرّات العمرانية الفادحة التي أصابت المدينة وتحديداً هذه المنطقة البيروتية، في قصر «حنيني». أما نهار الختام (21 ايار/ مايو)، فسيطلق «بيت الكتّاب» مشروعه «نزهة أدبية»، مع الطفيلي أيضاً. المشروع (مستوحى من «إقتفاء الأثر») بمثابة إعادة رسم خريطة أدبية، وملامسة المدينة، من خلال زقاق البلاط أيضاً.

* فعاليات «البيت الدولي للكتّاب في بيروت»: بدءاً من اليوم لغاية 21 أيار (مايو) - أماكن متفرقة في بيروت