أصدرت حملة مقاطعة مهرجان «تومورولاند» رأياً قانونيّاً بخصوص مهرجان «تومورولاند»، المزمع عقدُه هذا الصيف في جبيل. وهذا نصُّه:
الموضوع: مشاركة لبنان (جبيل) عبر شركة لبنانيّة تُدعى «إنترتاينرز ش. م. ل» (Entertainers SAL)، وكيلة شركة «تومورولاند» (Tomorrowland)، إلى جانب «إسرائيل» (ريشون لتزيون)، وعددٍ من الدول (بينها إمارةُ دبي)، في نشاط فنّيّ في 29 تمّوز (يوليو) 2017.

التعريف بـTomorrowland

إنّ المهرجان العالميّ المعروف باسم تومورولاند، أيْ «أرض الغد»، هو عبارة عن مهرجان موسيقيّ يحصل في بلجيكا سنويّاً، وتُنقل فعّاليّاته مباشرةً عبر شاشات ضخمة إلى عدد من المدن المشاركة فيه. ويوضح المهرجان، على موقعه الرسميّ، أنّه يهدف إلى «مدّ الجسور بين الشعوب» وإلى «اتحادها» من خلال البثّ الحيّ بين منصّة المسرح الأساس في بلجيكا والمسارحِ في الدول الأخرى المشاركة.

ويأتي في الإعلان الرسميّ عن النشاط المذكور لصيف عام 2017 ما نصُّه: «يا شعوبَ الغد استعدّوا للاتحاد مع أرض الغد. السبت 29 تمّوز سيحصل اتحادٌ سحريّ مع : دبي – ألمانيا – إسبانيا – لبنان – تايوان – مالطا – كوريا الجنوبية – وإسرائيل».
إنّ مشاركة جهة لبنانيّة مع جهة إسرائيليّة في مشروع فنّيّ من هذا النوع، وإنْ كان مقرَّراً أن يحصل في بلجيكا وأن يتفادى «البثّ المباشر» بين لبنان وكيان العدوّ (على ما يقول الوكيلُ اللبنانيّ)، تُعتبر في رأينا تحايلاً على القانون. وهو ما يقتضي لفتَ انتباه الجهات الرسميّة اللبنانيّة إليه من أجل اتّخاذ الإجراءات القانونيّة، إنْ لجهة الكسب المادّيّ خلافاً للقانون (على ما سيتّضح أدناه)، أو لجهة تطبيع العلاقات مع كيان العدوّ الإسرائيليّ.

في القانون

جاء في المادّة الأولى من «قانون مقاطعة إسرائيل» الصادر بتاريخ 23/6/1955 الآتي: «يُحظَّر على كلّ شخص طبيعيّ أو معنويّ أن يَعْقد، بالذات أو بالواسطة، اتفاقاً مع هيئاتٍ أو أشخاصٍ مقيمين في إسرائيل، أو لمصلحتها، وذلك متى كان موضوعُ الاتفاق صفقاتٍ تجاريّةً أو عمليّاتٍ ماليّةً أو أيّ تعامل آخر أيّاً كانت طبيعتُه...»

في حالتنا الحاضرة، نلحظ الآتي:

أوّلًا: إنّ الشركة اللبنانيّة انترتاينرز ش.م.ل تقيم شراكةً تجاريّةً مع جهةٍ أجنبيّة (بلجيكيّة) على نقل حفل فنّيّ تجرى فعّاليّاتُه الحيّة في بلجيكا، على أن يُنقلَ في الوقت ذاته على مسارح البلدان المشاركة، ومن ضمنها لبنان ودبي و«إسرائيل». وهذا يعني أنّ التعاقد التجاريّ جرى بين الشركة البلجيكيّة وشركائها في تلك البلدان مجتمعةً، ومن ثمّ فإنّ هؤلاء الشركاء موافقون جميعهم على أهداف المشروع، الأساسّية في الحدّ الأدنى، أي: «مدّ الجسور بين الشعوب» و«اتحادها»، ومن دون أدنى إشارة إلى أعمال الاحتلال والقتل والتهجير والعنصرية التي تمارسُها بعضُ الأنظمة و«الشعوب» في حقّ أخرى.
وبالتالي، فإنّ الشركة اللبنانية انترتاينرز ش.م.ل أقدمتْ على مشاركة جهةٍ إسرائيليّة، ولكنْ بالواسطة، في هذا المشروع البلجيكيّ المَنْبت. وعملُها هذا غيُر مشروع بموجب القانون اللبنانيّ، وبخاصةٍ نصّ المادّة الأولى من «قانون مقاطعة إسرائيل».
ثانياً: إنّ ما قالته الشركةُ اللبنانية، على لسان رئيس مجلس إدارتها، من أنّها دفعت مبالغ كبيرة لكي يتضمّن العقد الذي وقّعته مع «المعنيّين في بلجيكا» بنوداً تشترط «عدمَ بثّ فعّاليّات تومورولاند الإسرائيليّ في لبنان، والعكسُ صحيح» ــ يؤكّد ــ في حقيقة الأمر ــ علمَها الأكيدَ بأنّها تتعامل فعلاً، وإنْ بشكلٍ غيرِ مباشر، مع جهاتٍ إسرائيليّة، وأنّها أصرّت رغم ذلك على المشاركة في ذلك النشاط.
إنّ ما قامت به «انترتاينرز ش.م.ل» هو تعامل تجاري غير مباشر مع «إسرائيل». فأرباحُ المشروع سيستفيد منها كلُّ الجهات المشاركة، بما فيه «إسرائيل». ومن ثمّ فإنّ حُجّة حجْب الشاشة الإسرائيليّة عن لبنان، وحجبِ الشاشة اللبنانيّة عن «إسرائيل»، إنّما تؤكّد حصولَ تفاوض فعليّ بين الشركة اللبنانيّة والجهة الإسرائيليّة، وإنْ عبر وسيط أجنبيّ (بلجيكيّ أو غيره)، من أجل إمرار المشروع في لبنان.
ثالثًا: لمّا كان المشروعُ المذكور يحدّد هدفَه بشكل صريح بأنّه «مدُّ الجسور بين الشعوب» و«اتحادُها» في حلم موحّد على «أرض الغد».
ولمّا كانت الشركةُ اللبنانيّة انترتاينرز ش.م.ل على علمٍ بذلك الهدف، بل تستعمله في إعلاناتها لتسويق نشاطها المقرّر في جبيل أيضاً.
ولمّا كانت هذه الشركة على علم أيضاً بوجود «إسرائيل» شريكة في المشروع، ورغم ذلك (وبسبب ذلك) قامت بدفع مبالغ طائلة (كما قالت) إلى أصحاب المشروع، من أجل حجْب البثّ المباشر من «إسرائيل» وإليها.
فإنّ هذه الشركة لم تخالفْ قانونَ مقاطعة «إسرائيل» فحسب، بل تحايلتْ عليه أيضاً، بدلاً من إعلان مقاطعتها للمشروع انسجاماً مع القانون المذكور، واستجابةً لرفض أقسام كبيرة من اللبنانيين للتطبيع مع العدوّ.
يضاف إلى ذلك أنّ حجب البثّ المباشر بين لبنان و«إسرائيل» لن يَحُول، على الأرجح، دون رؤية المشاهدين في الدول الستّ الأخرى للشاشتيْن اللبنانيّة والإسرائيليّة متجاورتيْن، بما سيُرسّخ في أذهانهم انتفاءَ أيّة مشكلة لدى اللبنانيين في تطبيع العلاقة مع «إسرائيل».
يبقى أن نشير، أخيراً، الى أنّ الجهة المخوَّلة ملاحقةَ هذه المخالفات هي «مكتبُ مقاطعة إسرائيل»، التابع لوزارة الاقتصاد. فقد نصّت المقدّمة المتعلّقة بالوثيقة الصادرة عن هذه الوزارة أنّه قد نيطتْ بهذا المكتب «صلاحية اتخاذ الإجراءات الواجبة لتنفيذ القوانين والأنظمة النافذة وأحكام ومبادئ مقاطعة إسرائيل الذي أقرّه مجلسُ جامعة الدول العربيّة في عام 1951، والسهر على تطبيقها لمواجهة كلّ محاولات العدوّ الإسرائيليّ للتسلّل إلى أسواقنا عبر وسائل التزوير والتحايل والتهريب، باعتبار أنّ المقاطعة لإسرائيل هي إحدى الوسائل السلميّة المشروعة في حماية اقتصادنا وتسهيل عمليّة التبادل التجاريّ والترانزيت والاستيراد والتصدير بين لبنان ودول العالم، وذلك بالتعاون والتنسيق بين الإدارات الرسميّة ووزارة الاقتصاد والتجارة في مهمّة المقاطعة».
بيروت في 11 أيّار 2017

للصورة المكبرة انقر هنا